Flag Counter

Flag Counter

Friday, January 12, 2018

كيف قامت بريطانيا والحركة الصهيونية بالإستيلاء على أراضي دولة فلسطين؟

إن إتهام الشعب الفلسطيني ببيع أراضيه للصهاينة وتعميم ذالك الإتهام تزامنا مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني هو أمر مثير يثير الشكوك من حملة منسقة تقف ورائها جهات عربية تعمل متسترة خلف ما يعرف بالإعلام الموازي وتهدف في المحصلة لتبرير التطبيع مع العدو الصهيوني وتبرئة جيش الإحتلال الصهيوني من جرائمه بحق الشعب الفلسطيني. وتميل بعض الأراء إلى القول بأن الإعلام الصهيوني الموازي,رديف الإعلام العربي الموازي, والذي يعمل تحت مسمى الوحدة 8200 هو من يقف وراء تلك الحملة الإعلامية المنسقة بهدف تهيئة الرأي العام العربي لتقبل الإحتلال الصهيوني لأراضي فلسطين تحت مسمى دولة إسرائيل وأن ذالك أمر طبيعي وأنه حان الوقت ليقوم العرب بتطبيع العلاقات السياسية والإقتصادية معها. إن الهجوم غير المبرر على الشعب الفلسطيني وتوزيع تلك الإتهامات المجانية لهو تعبير عن حالة الإنحطاط الفكري والأخلاقي الذي وصلت إليه فئات من الشعوب العربية التي إرتضت التبعية الفكرية وأدمنت على جهلها المقدس وحالة التخلف التي تعيشها. المشكلة التي يواجهها أي شخص يحاول الخوض في تلك المسالة هي الدوافع والأسباب التي تدفعه وتوجهه في مسألة من المفترض أنه طواها النسيان وتثير الكثير من الشجون وذكريات الماضي لمن عايشوه وعاصروه. بالنسبة لي شخصيا من المستحيل السكوت عن أوقح عملية تزوير للتاريخ ومصادرة لذاكرة شعب بأكمله وتحميله مسؤولية ضياع وطن.
إنه من المعتاد عند كتابة مثل تلك النوعية من المواضيع هو إعطاء لمحة تاريخية عن المسألة محل النقاش, أي العودة بالذاكرة إلى الوراء. ولكن بالنسبة لي فسوف أبدأ بالتاريخ المعاصر, زمننا الحالي, حيث أنه ومن المهم إثبات أن عملية سرقة أراضي الشعب الفلسطيني مستمرة وإن تغيرت الأساليب. ففي مقال للصحفية اليسارية الإسرائيلية عاميرا هاس(Amira Hass) نشرته في جريدة هارتس عنوانه "In West Bank, Buying Land Isn't Always What It Seems" تاريخ 10\يناير\2012, تصف حالات بيع أراضي فلسطينية لجهات صهيونية بأوراق مزورة وكذالك الإستيلاء على الأراضي الفلسطينية عبر إقامة مستوطنات غير شرعية ومحاولة فرض الأمر الواقع ووضع اليد عل تلك الأراضي ثم محاولة تزوير أوراق الملكية. أشرف عزيز حامد تلقى مكالمة سنة 2005 من محقق في الشرطة الإسرائيلية للسؤال عن أراضي تملكها العائلة في قرية بيتين التي تقع شمال مدينة رام الله. المحقق أخبر أشرف بأن الأرض تم بيعها سنة 2002 أو 2003 بأوراق مزورة لمواطنين إسرائيليين. وحتى نعرف الكيفية التي تمت بها عملية بيع الأراضي بدون علم مالكيها الحقيقيين فإنه تم إستغلال نزوح الأسرة وإقامتها في مدينة البيرة بسبب تعطل المصالح الإقتصادية للقرية بسبب سياسة الإغلاق التي فرضها جيش الإحتلال الصهيوني على المنطقة إثر الإنتفاضة الثانية التي بدأت سنة 2000 حيث تم إقامة الحواجز العسكرية والسواتر الترابية على مداخل القرية ولم يسمح إلا للفلسطينيين ممن يحملون بطاقات VIP والعاملين في المؤسسات الدولية بالمرور وذالك حسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
ولكن التزوير لم يكن الوسيلة الوحيدة التي تم بموجبها الإستيلاء على أراضي وممتلكات الفلسطينيين في فلسطين المحتلة بل لعب قانون تم إصداره سنة 1950 ومازال ساريا حتى يومنا هاذا الدور الأكبر في عمليات الإستيلاء وإعطائها الصيغة القانونية والتي هي في النهاية باطلة لان مصدر القانون باطل صادر من قوة إحتلال. إن قانون أملاك الغائبين كان ومازال أداة رئيسية لتسهيل نقل ملكية الأراضي من الأيدي العربية إلى الإسرائيلية. وبالرجوع إلى موقع المركز الفلسطيني للإعلام فإنه قد تم الإستيلاء على 3 ملايين دونم هي عبارة عن مجموع أراضي ثلاثمائة قرية مهجورة أو شبه مهجورة منذ حرب 1948 كما تم الإستيلاء على 250 ألف متر مربع(ربع مليون دونم) من أراضي الفلسطينيين من المقيمين ضمن حدود مايعرف أراضي 48 و280 ألف دونم من الأراضي الزراعية الخصبة. ولكن الأراضي ليست هي كل ماتم الإستيلاء عليه, فقد تم بموجب قانون أملاك الغائبين الإستيلاء على 25 ألف بناء تحتوي على 57 ألف شقة تقريبا و10 ألاف محل تجاري حيث تم إسكان المستوطنين اليهود فيها بعد أن تم نقل ملكيتها لشركة صهيونية تدعى عميدار.
ولكن قانون أملاك الغائبين ليس كل الحكاية بل جزء بسيط منها فجذورها ترجع لأيام الإحتلال العثماني لفلسطين حيث تم وبتسهيل من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني, تمكين الصهيونية العالمية من الإستيلاء على مساحات واسعة من أراضي فلسطين بخليط من وسائل مختلفة من الإبتزاز المالي والإحتيال والإستيلاء على الأراضي. المشكلة أن هناك من يدافع عن السلطان عبد الحميد الثاني وعن فترة الإحتلال العثماني لفلسطين بشكل عام وان الدولة العثمانية والسلطان المفترى عليه كما يصفونه كان حائط صد في وجه الأطماع الصهيونية ومحاولتها الإستيطان في فلسطين وشراء الأراضي فيها وأن المسؤولية كل المسؤولية تقع على عاتق جمعية الإتحاد والترقي. إن الترويج لتلك الأكاذيب التاريخية هي محاولة مفضوحة من قبل أنصار ما يطلق عليه الإسلام السياسي وعلى رأسهم تركيا ورئيسها رجب طيب أوردوغان في سبيل إستعادة أمجاد الخلافة العثمانية والسيطرة من جديد على الوطن العربي ومقدراته خصوصا بعد فشل سياسة التقارب التركي مع الإتحاد الأوروبي في محاولة لمنح تركيا عضوية كاملة. الباحثة الأردنية والأستاذة المساعدة في جامعة فيلاديلفيا الأردنية والجامعة الأردنية كان لها رأي أخر في بحث بعنوان"دور السلطان عبدالحميد الثاني في تسهيل السيطرة الصهيونية على فلسطين (1876-1909) " وكتاب يحمل نفس عنوان وموضوع البحث حيث أنها أستاذة متخصصة في التاريخ وتحمل درجة الدكتوراة في التاريخ من الجامعة الأردنية. ملخص تلك الدراسة أن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رفض في العلن الهجرة الجماعية اليهودية إلى فلسطين وفي الخفاء سمح بهجرات إنفرادية حيث تم تأسيس المستعمرات اليهودية في فلسطين. كما أنه كان هناك تساهل في الفرمانات التي تصدر والمتعلقة بهجرة اليهود إلى فلسطين حيث يتم إلغائها أو تعديلها. كما أن الدراسة ذكرت بأن الهجرة اليهودية إلى فلسطين كانت تتم في كثير من الأحيان تحت ستار قانون إمتيازات الأجانب حيث يهاجر إلى فلسطين اليهود كرعايا دول اوروبية مع العلم بمعرفة السلطان عبد الحميد الثاني وتساهله فيما يتعلق بذالك. وقد تكلمت الباحثة في ختام تلك الدراسة عن رسالة السلطان عبد الحميد الثاني إلى رجل الدين محمود أبو الشامات شيخ الطريقة الشاذلية في دمشق, وهنا أقتبس حرفيا, حيث ذكرت الباحثة فدوى نصيرات:"من أهم ما تم تداوله بشأن موقف عبد الحميد الثاني من الحركة الصهيونية «وثيقة أبو الـشـامـات»، الرسالة التي وجهها السلطان إلـى شيخ الطريقة الشاذلية فـي دمشق يوضح فيها ُشير إلى الآتـي: يجب علينا أن نعالج أن سبب خلعه عن العرش كان موقفه من فلسطين وبها ن الوثيقة كأداة من أدوات البحث التاريخي وليس الأداة الحاسمة أو تلك التي تؤخذ على ّعلاتها ومن ً بظروف دون نقد وتفكيك. من هنا لا بد لنا من وضع الوثيقة في سياقها الخاص وربطها دوما كتابتها والأهداف المتوخاة منها. ونـشـيـر إلــى أن رسـالـة أبــو الـشـامـات إلــى الـسـلـطـان لـيـس لـهـا ذكــر فـي أي مـن الأرشـيـفـات العثمانية، ولماذا يسكت الشيخ أبو الشامات نفسه على هذا السفر التاريخي الكبير ولا يدافع عن ُثير سمعة أحد كبار مريديه بل يموت سنة ١٩٢٣ ولا تظهر الوثيقة إلا سنة ١٩٧٢ .هناك تعابير ت ً التاريخ الممهور إلى جانب الشكوك من مثل «تفضلوا بقبول احترامي» هي صيغة معاصرة، أيضا السلطان ٢٢ أيلول ١٣٢٩ ،لماذا يستخدم لفظة أيلول، لماذا يرسل السلطان الرسالة إلى رجل ديـن؟ هل من أجل أن يضفي على روايته لتاريخه مع الصهيونية صدقية وشرعية دينية؟ على ذلك فإن إرساله تلك الرسالةـ وبفرض صحتهاـ قصد منه تحقيق تسوية حساباته التاريخية مع خصومه السياسيين وتسديد ضربة لهم في محكمة التاريخ؛ كونهم عزلوه بسبب تصلبه أمام الصهاينة، ومن أجل تبرئة نفسه وسياساته من مسألة التفريط والتساهل بأرض فلسطين."
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية



No comments:

Post a Comment