هناك مسألتان جدلييتان بين المسلمين والمسيحيين بشكل عام وهما إنتشار الإسلام بالسيف والجزية. بالنسبة للمسألة الأولى فتلك يدور حولها الجدل خصوصا بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن حملة صليبية كما أن هناك نصوصا دينية مسيحية من رسالة كونثيوس الثانية التي يقال أن القديس بولس كتبها وإنجيل القديس يوحنا قد وجدت مطبوعة برموز النصوص(أرقامها في الكتاب المقدس) على أسلحة إستخدمها الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان.
من ناحية تاريخية فإنه من المقبول مقولة أن الإسلام قد إنتشر بالسيف ولكنها ليست ظاهرة عامة فأندونيسيا وهي أكبر بلد إسلامي من ناحية عدد السكان المسلمين لم تدخلها جيوش إسلامية. المسيحية من وجهة نظر تاريخية إنتشرت بالسيف حيث قام المسيحيون خصوصا في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع ميلادي بقتل مخالفيهم من الوثنيين والطوائف المسيحية الأخرى. اما القرن الثاني الميلادي فقد شهد حرب تطهير ومجازر إبادة جماعية شنتها الكنيسة الكاثوليكية ضد طائفة الكاثار حيث تم إعتبارها طائفة من الهراطقة وأبيدت قرى ومدن عن بكرة أبيها. وعلينا أن لا ننسى محاكم التفتيش التي قتلت مليون إمرأة في أوروبا بتهمة الهرطقة والسحر حيث كان يكفي إمتلاك قطة سوداء ليتم إتهام النساء بالسحر أو قد تعثر محاكم التفتيش في منزلك على نسخة من الإنجيل بدون أن تكون من رهبان الكنيسة او قساوستها.
الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول وإثر المؤتمر المسكوني الأول في مدينة نيقية سنة 325ميلادية فقد تبنى رسميا المسيحية كديانة للدولة الرومانية لأهداف سياسية وليس دينية فهو تم تعميده قبل وفاته بلحظات ولكنه في الفترة التي سبقت وفاته فقد كان يبحث عن حل سياسي للصراعات الدينية التي مزقت الدولة الرومانية وهددت حكمه. الإمبراطور الروماني شن حملات دموية ضد المخالفين لقرارات المجمع المسكوني الأول خصوصا أتباع القسيس أريوس الذي رفضوا ألوهية المسيح والثليث. كما قام بمصادرة جميع الكتب المخالفة لعقيدة المجمع وحرقها.
الكنائس المسيحية الغربية خصوصا الكاثوليكية إلى الأن تمارس مايسمى (الحرمان الكنسي) بحق مخالفيهم وهو يعادل حكم التكفير عند الطوائف الإسلامية حيث أنه يحرم الشخص من بركات الإيمان حتى يتوب وهو نوعان, حرمان أصغر وحرمان أكبر وهو أشدهم قسوة حيث يحتاج إلى قرار من رأس الكنيسة لرفعه. النصوص الدينية عند اليهود والمسيحيين مليئة بالعنف مع التنويه بأنني عندما أتكلم عن المسيحيين فإنني أعني المسيحية الغربية واليمين المسيحي المحافظ الذي يختلفون عن المسيحية الشرقية خصوصا في مصر وبلاد الشام كل الإختلاف. فيسوع المسيح في إنجيل القديس لوقا 19:27 يأمر بذبح جميع من لم يؤمنوا به بالسيف. وفي إنجيل القديس متى 10:43 فقد توعد يسوع المسيح من في الأرض بأنه جائهم بالسيف وفي لوقا 22:36 فقد أمر أتباعه بأن يبيعوا أثوابهم ويشتروا السيوف.
العهد القديم مليئ بنصوص تأمر بممارسة العنف ضد المخالفين والحجة هي الوثنية كما في تفسيرات بعض القساوسة المسيحيين. في حزقيال 9:6 فإن الرب يأمر بقتل الشيوخ والنساء والأطفال. وفي إشعياء 13:16 يأمر بقتل الأطفال أمام اهاليهم وبإغتصاب النساء. وفي 1صموئيل 15:3 فإن الرب يأمر بقتل الرجال والنساء والأطفال والرضع وحتى البقر والغنم والجمال والحمير. وفي يشوع 6:21 يأمر بقتل الرجال والنساء والشيوخ والحيوانات بحد السيف. وفي هوشع 13:16 يأمر بشق بطون الحوامل. وفي مزمور 137:9 يأمر بتحطيم رؤوس الأطفال البابليين بالصخرة.
إن جميع الأمم والحضارات التي سبقت الإسلام لم تنتشر بتقديم الورود والأزهار أو جائت محمولة على أجنحة الحمائم البيضاء ويشمل ذالك الإمبراطورية الفارسية والرومانية والإغريقية اليونانية والإسبارطية والأشورية والبابلية. كل تلك الحضارات قد قامت على مبدأ التمدد والغزو ودفع الجزية وإستعباد الشعوب المهزومة خصوصا السبايا والعبيد ولكن سيف الإسلام كان في الكثير من الحالات محررا حيث تم إستقبال المسلمين كفاتحين ومخلصين.
إن تلك حقيقة تثبتها وقائع تاريخية حيث أن الإمبراطورية الرومانية والفارسية قد إستعبدت وأذلت القبائل العربية في بلاد الشام واليمن والعراق عبر وكلائها الغساسنة والمناذرة كما أن المسيحيين في فلسطين قد إستقبلوا الخليفة عمر إبن الخطاب رضي الله عنه إستقبال الفاتحين بعد أن خلصهم من الحكم الروماني الذي إضطهدهم بسبب الإختلاف المذهبي حيث أعيدت لهم اماكن عبادتهم وتم منحهم العهدة العمرية.
في العصر الحديث فإن مايعرف بإسم العولمة وإتفاقيات التجارة الحرة لم تنتشر بطرق سلمية حيث عانت البلدان التي لم ترغب في تبني تلك المفاهيم لإنقلابات عسكرية وإضطرابات سياسية تم التمهيد لها بإتهام الحكومات التي حاولت تطبيق إصلاحات إجتماعية بأنها حكومات شيوعية.
كما أنه من المستغرب أن يجادل البعض في مايتعلق بفرض الجزية من قبل المسلمين على أهالي البلدان التي يستولون عليها ويتغلبون على أهلها من غير أن يقبل أهلها بالإسلام بل يصالحون على مبالغ سنوية تدفع كل على حسب قدرته حيث وضع لها نظام دقيق.
إن التعامل مع موضوع الجزية لا يتعدى كونه تلاعبا بالألفاظ فهي نوع من أنواع الضريبة وهي ليست محصورة بالمسلمين فالمسيح أمر بدفعها للحاكم الروماني كما ورد في إنجيل القديس متى 18: 24-27 ورسالة بولس الرسول إلى اهل رومية 13: 6-7. كما إن موضوع الجزية ورد في العهد القديم في سفر يشوع 16:10, 17:13 وسفر القضاة 1:28,30,35 وسفر صموئيل الثاني 20:24 وسفر أشعياء 31:8.
إن كل تلك النصوص لن تقنع من يجادل لمجرد الجدل وإضاعة الوقت خصوصا من المستشرقين والعنصريين واليمين المسيحي المحافظ خصوصا الحقيقة الواضحة أن مقدار الجزية أقل بكثير من مقدار الزكاة التي يتوجب على المسلم دفعها خصوصا أن الجزية مقدارها ثابت بينما الزكاة مقدارها بمقدار الربح الذي يحققه رأس المال فكلما زادت الأرباح, زادت الزكاة. إنهم يرفضون سماع تلك الحقيقة لأنها وحدها كافية لنسف الكذبة بتحول المسيحيين للإسلام ليس عن إقتناع بل من أجل التهرب من دفع الجزية.
وكما يقولون أن الإرهاب لادين له فإن العنف أيضا لا دين له حيث يسود تعتيم إعلامي على مايجري في بورما من مجازر وتطهير عرقي يقوم بها النظام البورمي بحق أقلية الروهينجا المسلمة وأقلية الكارين التي يغلب على أتباعها إتباعهم للمسيحية. المسؤولية بالمجازر ضد المسلمين بشكل رئيسي تقع على عاتق راهب بوذي متطرف يدعي أشين ويراثو وبدعم ومن الجيش والشرطة في بورما بينما يتولى الجيش بشكل رئيسي العمليات المسلحة ضد جماعة التمرد التي تمثل إثنية الكارين والتي تمتلك جناح مسلح ووقعت إتفاق سلام هش مع الحكومة البورمية.
الزعيمة البورمية سان سو كي زعيمة الرابطة الوطنية للديمقراطية في بورما والتي أمضت فترة 15 عاما قيد الإقامة الجبرية في بورما قد غضبت من أسئلة إحدى الصحافيات التي تعمل في محطة بي بي سي البريطانية حول المجازر التي يتم إرتكابها في بورما ضد أقلية الروهينجا المسلمة حيث سمعت وهي خارجة من الأستدويو تذكر أنها لم تكن تعلم بإجراء المقابلة التي تمت سنة 2013 أن الصحفية سوف تكون مسلمة. سان سو كي التي حازت على جائزة نوبل للسلام سابقا ناورت ولم تجب على سؤال الصحفية كما أن الدالاي لاما الذي يعيش في المنفى في الهند ويعتبر زعيم الطائفة البوذية ورمزها الروحي إمتنع إلى الأن عن إدانة الزعيم البوذي المتطرف أين ويراثو الذي يمارس جرائمه في ظل تواطئ الجيش والشرطة في بورما وتواطئ المجتمع الدولي الذي إمتنع عن فرض عقوبات إقتصادية أو مصادرة ودائع وممتلكات للمتهمين بتلك المجازر.
كما أن الساحة البورمية تشهد تجاهلا من قبل الدعاة المسلمين الذي قاموا بدعوة الشباب المسلم للجهاد بدون أن يجاهدوا هم بأنفسهم بداية من أفغانستان ومرورا بالشيشان والعراق وسوريا ومصر وغيرها من الدول مع أن الجرائم التي يتم إرتكابها في بورما تتضمن حتى شواء اطفال المسلمين, القتل بالشنق والضرب حتى الموت وكل انواع الجرائم التي جعلت ما إرتكبته محاكم التفتيش أمرا من الماضي.
إن مايحصل في بورما من مجازر ضد المسلمين من دون أي تحرك عربي أو إسلامي لهو أكبر دليل على أن كل تلك التحركات فيما يتعلق سواء بأفغانستان أو العراق أو الشيشان أو البوسنة والهرسك أو كوسوفو أو حتى حاليا في سوريا ليس له أي علاقة بأهداف نبيلة ودفع الظلم عن المسلمين أو إقامة حكم إسلامي وغير ذالك من الترهات التي تروج لها ألة دعائية تعمل ليل نهار وبإشراف خبراء مختصين. كل ماجرى سابقا تلقى دعما لوجستيا من جهات غربية على هامش إستكمال مخططات الحرب الباردة ضد الإتحاد السوفياتي السابق وحلفائه وتقسيم الدول العربية فيما يعرف بخطة سايكس-بيكو2.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment