Flag Counter

Flag Counter

Saturday, May 14, 2016

ماهي التعقيدات التي تواجهها شركات النفط في رحلتها للبحث عن الذهب الأسود؟

في نهاية سنة ١٩٨٠, كانت شركات النفط قد أنفقت على عمليات التنقيب والإستكشاف في البحر الشمالي أكثر مما أنفقته وكالة ناسا ليضع رائد فضاء قدمه على سطح القمر. كمية النفط الموجودة في أي حقل نفطي لا تزيد بتقدم التكنولوجيا بل العكس صحيح, تتناقص بسرعة. التكولوجيا المتقدمة لا تضخ النفط في الحقل النفطي بل تضمن لنا كميات إستخراج تتزايد بتقدم تلك التكنولوجيا.
بالنسبة لحقول النفط في خليج المكسيك والتي تعول عليها الولايات المتحدة لغلق الفجوة بين الإنتاج والإستهلاك فإنها تعاني من مشكلة عامة في حقول النفط البحرية, كمية النفط المستخرجة منها تتناقص بضعفي معدل تناقص حقول النفط العادية.
حقول النفط في البحر الشمالي الذي تشرف عليه مجموعة دول منها بريطانيا وألمانيا وصلت لأفضل معدلات الإستخراج الشهرية سنة ١٩٨٥, ومرحلة ذروة الإنتاج السنوي ١٩٩٩ وتناقصت ٤٣% سنة ٢٠٠٧.
ذروة الإكتشافات النفطية في حقول النفط البحرية كانت سنة ١٩٩٦ وقريبا جدا فإننا سوف نصل لمرحلة ذروة الإنتاج النفطي في تلك الحقول تقترب بخطى متسارعة. ولكن ماهو تأثير ذالك على معدلات الإنتاج النفطي عالميا؟
لأنه منذ سنة ٢٠٠٠ تقريبا فإن حقول النفط البحرية وخصوصا الحقول التي تقع في المياه العميقة تعد المصدر الوحيد للزيادة في الإنتاج النفطي العالمي كما أنها تعد السبب الرئيسي للتناقص في معدلات الإنتاج العالمية للنفط حيث أنه علينا أن لا ننسى أن حقول النفط البحرية تتعرض لتناقص مخزونها النفطي بمعدل مرتين أسرع من حقول النفط البحرية.
المقارنة بين نوعية الحقول النفطية المكتشفة في الماضي والحقول النفطية التي يتم إكتشافها حاليا يمكن أن تعطينا فكرة عن الصعوبات التي يمكن مواجهتها مستقبلا. حقل(Spindletop Gusher) الذي تم إكتشافه في ولاية تكساس الأمريكية سنة ١٩٠١ كانت نافورة النقط المحتبس فيه ترتفع ١٥٠ قدم في الهواء حيث يقع على عمق لايزيد عن ١١٠٠ قدم تحت سطح الأرض وتسبب في مضاعفة إنتاج الولايات المتحدة النفطي ٣ مرات بين يوم وليلة. حقل جواهر الذي تم إكتشافه سنة ١٩٤٨ في المملكة العربية السعودية مازال أكثر الحقول النفطية إنتاجا في العالم. بينما حقل(Tupi) البحري الذي تم إكتشافه في البرازيل يعد إستخراج النفط منه أكثر تعقيدا حيث يقع على عمق أكثر ٢٠٠٠ قدم تحت سطح الماء, ١٠٠٠٠ قدم من الصخور و٦٦٠٠ قدم من الترسبات الملحية. يبدو حقل (Tupi) واعدا بتقديرات ٨ مليار برميل نفط ولكن عند مقارنته بحقل جواهر وتقديرات ٦٠ مليار برميل نفط فإن ذالك يبدو كأخيه الأصغر.
يبدو أن علماء الإقتصاد لديهم مشكلة معينة في فهم طبيعة التغير في الإمدادات النفطية من ناحية النوعية والكمية حيث أنهم يجادلون دوما أن الندرة في المعروض سوف تؤدي إلى إرتفاع السعر مما يؤدي بدوره إلى رغبة في البحث عن المزيد من المخزون النفطي وتحسين تكنولوجيا إستخراج النفط. لايوجد فائدة من إستخراج النفط بكلفة ١٠٠ دولار للبرميل حين يكون سعره في الأسواق العالمية ٢٠ دولارا فقط.
النظريات التي يؤمن بها الإقتصاديون هي أن زيادة الأسعار يقابلها زيادة الإنتاج حيث يصبح إستخراج النفط من أماكن لم نكن نتخيلها مجديا إقتصاديا. المشكلة تطبيق ذالك على أرض الواقع حيث أن الإكتشافات التكنولوجية التي من شأنها زيادة إستخراج النفط لاتؤدي إلى إلى الإسراع في نفاذ مخزونات البئر النفطي فهي لا تؤدي لضخ نفط جديد في البئر. إن تلك التكنولوجيا التي تسبب زيادة الإنتاج تؤدي إلى إزاحة ٤ ملايين برميل نفطي سنويا من حسابات المنتجين ويترك للإكتشافات النفطية الجديدة مهمة تعويض الفارق. النشكلة أن تلك المعادلة سوف تحتمل التطبيق لو أن معدل الإستهلاك بقي ثابتا على ماهو عليه ولكن هناك زيادة في معدل الإستهلاك وخصوصا في الهند والصين والبرازيل مما يؤدي إلى زيادة الفجوة رغم محاولات تقليصها حيث أن هناك ٢٠ مليون برميل نفط من الإنتاج المفقود على الإكتشافات الجديدة تعويضها.
نقطة مهمة بخصوص زيادة الإنتاج يتم تجاهلها ولا تشير إليها المؤتمرات الصحفية ولا البيانات التي يصدرها الإقتصاديون وهي نوعية تلك الزيادة؟
لعل تلك الحقيقة غير معلومة لغير المتخصصين ولكن أغلب الزيادات في الإنتاج بين عامي ٢٠٠٥  - ٢٠٠٨ لا تصلح للإستخدام كوقود للسيارات وأن أغلب الزيادة على الطلب هي للبنزين والديزل المستخدم كوقود للسيارات حيث أن إرتفاع الدخل في دول مثل الصين والهند وعشرات المليارات من الدولارات المنفقة على مشاريع بنية تحتية أغلبها جسور وطرق جديدة تعني دخول مئات الألاف من السائقين سنويا نادي القيادة لأول مرة مما ينتج عنه زيادة نسبة مبيعات السيارات. نسبة كبيرة من تلك الزيادة تكون للغاز والسوائل الغازية وهي إن كانت تعد لها إستخدامات أخرى ولكن لا تصلح كوقود للمركبات وتعد دليلا على نفاذ المخزونات النفطية من البئر والتي يصاحبها ظهور الغاز المحتبس وتكوينه فقاعة غازية.
مثال بسيط على الإكتشافات النفطية الجديدة كنا قد تكلمنا عن حقل (Tupi) البحري في البرازيل وهناك أيضا حقل كاشاغان (Kashagan) البحري في البرازيل حيث نلاحظ أن أغلب الإكتشافات النفطية الجديدة تعد حقولا بحرية بل وتقع في المياه العميقة بعيدا عن الشاطئ. بالنسبة لحقل كاشاغان فهو حقل بحري يقع في دولة كازاخستان في بحر قزوين حيث إرتفعت تكلفة الحقل من مبلغ ١٠ مليارات دولار إلى ٥٠ مليار دولار وتأخر موعد بدء الإنتاج إلى ٨ تشرين الأول\أكتوبر ٢٠١٣. ولكن بعد كل تلك الأموال التي تم إنفاقها والجهود الجبارة المبذولة لإفتتاح الحقل النفطي قبل أيام من إنتهاء المهلة النهائية التي حددتها الحكومة الكازاخستانية للشركات المشغلة, فقد تم إغلاق الحقل البحري بعد بدء التشغيل بساعة واحدة بسبب تشرب الغاز ومازال مغلقا حتى تاريخ مارس ٢٠١٤ حيث هناك إحتمال إستبدال أنابيب الضخ مما سوف يستغرق سنتين على الأقل.
المشاكل المتعلقة بحقل كاشاغان أدت إلى توترات بين الحكومة والشركات المستثمرة في المشروع مثل إكسون موبيل ورويال دتش شل وتوتال وغيرها وهو مايلقي بالضوء على التعقيدات المتعلقة بمثل تلك النوعية من المشاريع. تعقيدات كتلك التي واجهتها شركة إكسون موبيل وشيفرون بخصوص مشروع سخالين(٢). إن تلك التعقيدات كانت متعلقة بطبيعة المنطقة وتأخر موعد بدء الإنتاج مما أدى إلى تأكل عائدات حقوق الملكية الحكومية والضغط على شركات النفط لبيع حصصها والرحيل عن المشروع وهاذا ماحصل حيث قام الحكومة الروسية بشرائها والإستحواذ على إحتياطي يقدر بكمية ١.٢ مليار برميل نفط.
ملاحظة: سخالين عبارة عن سلسلة مشاريع أولها سخالين(١) ثم سخالين(٢) ثم سخالين(٣).
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment