فيروس كورونا ليس أول فيروس قاتل سوف يظهر ولن يكون الأخير. ولكن عندي شك أن إطلاق لفظة فيروس قاتل على تلك النوعية من الفيروسات تعتبر مناسبة. يسقط ضحايا الإنفلونزا الموسمية كل عدد كبير يتجاوز بأضعاف ضحايا إنفلونزا الخنازير أو الطيور أو كورونا ولم يتم تصنيفها على أنها قاتلة. يسقط ضحايا التدخين كل عام عدد يتجاوز ضحايا كل أنواع الإنفلونزا بأنواعها المختلفة ومع ذلك لم يتم إعتبار التدخين وباء, السجائر هي أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالأمراض الصدرية والتنفسية. التلوث البيئي خصوصا عوادم السيارات والمصانع وإلقاء مخلفات صناعية في مجاري المياه أحد أسباب إنتشار الأمراض والأوبئة ومع ذلك لم يتم اتخاذ إجرائات حازمة حول ذلك في عدد من الدول ومنها دول غربية.
إستحضرت مقولة للكاتب السوري الراحل محمد الماغوط في كتاب "سأخون وطني: “كل طبخة سياسية في المنطقة أمريكا تعدها وروسيا توقد تحتها وأوروبا تبردها وإسرائل تأكلها والعرب يغسلون الصحون.” وسط موجة الذعر التي انتشرت بسبب بعض الأحداث التي وقعت خلال الشهر الأول من سنة 2020 وجعلته اسوأ شهر يمر على البشرية في تاريخها, أين العرب؟ وماهو دورهم؟
العرب سوف يغسلون الصحون, في السياسة, الإقتصاد, الفن, الثقافة وفي كافة المجالات. هم غارقون في مستنقع من التفاهة حتى آذانهم. مئات الجامعات والكليات والمعاهد في مختلف التخصصات ولايوجد إبداع ولا اختراع ولا أبحاث خصوصا في مجالات الطب والصحة العامة. ولكن هناك إستثناء وأنا أقولها للأمانة, الجنرال عبعاطي كفتة في مصر الذي يعالج الإيدز فيروس سي بجهازه العجيب والذي تنتظر أجهزة مخابرات عالمية ظهوره من أجل إغتياله. عشرات الآلاف من الخريجين في المجالات الطبية ولكن الإعلام يقوم على تلميع الجنرال كفتة الذي وصف نفسه بأنه هرم وسط الصراصير, ربما يتوجب تغيير إسمه الى جنرال صرصار. وبدل أن تقوم الحكومة المصرية والأجهزة الطبية الحكومية بإيقاف هذه المهزلة وفق المبدأ بأن الاعتراف بالخطأ فضيلة, ساهموا في الترويج لنظريات الجنرال كفتة بأن لم يتخذوا إجرائات رسمية وحازمة ضده وضد جهازه الأعجوبة ولولا لحسة من ذوق لطالبوا بإعلانه أعجوبة الدنيا الثامنة.
شركات أدوية في الوطن العربي صدعت رؤوسنا بالدعاية والإعلان والترويج بأنها شركات عملاقة وذات قدرات تكنولوجية وأنها توظف الخبراء ولكنها عاجزة عن تنتج ماهو أكثر من بعض ادوية علاج الزكام والبرد وأدوية أخرى ذات أهمية ثانوية. العرب أمة مستهلكة في أهم وأدق أمورها الحياتية مثل الغذاء والدواء ثم يأتي من يتبجح بالسيادة والاستقلال بينما لو منعت الولايات المتحدة عنهم المساعدات الغذائية والأدوية, ماتوا من الجوع والمرض. العرب هم عبارة عن مستهلكين حتى للفيروسات التي تنتجها معامل الأبحاث الغربية حتى تبيع الأدوية واللقاحات. لايوجد أي أبحاث صيدلانية أو طبية جادة في مجالات الطب والأدوية في الوطن العربي ولم أسمع عن دواء جديد مهم وحيوي تم اكتشافه وإنتاجه في الوطن العربي. أغلب الأدوية الطبية والبيطري يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة.
وحتى أختم موضوعي, زاد بعض مدمني جمع اللايكات على وسائل التواصل الإجتماعي الطين بلة بتقديم تفسيرات مضحكة لإنتشار فيروس كورونا لن أخوض فيها بسبب تفاهتها وسخافتها. هم يساهمون بنشر حالة الخوف والذعر ولايقدمون في فيديوهاتهم المضللة أي معلومة جديدة ومفيدة. فيروس كورونا فضح الجهل العربي وفضح عنصرية العرب وفضح حبهم للظهور والتظاهر وفضح التخلف العلمي والسياسي وعدم معرفة أبسط دقائق الأمور في أي مجال من مجالات الحياة. أمة عاطلة معطلة مستهلكة غير منتجة مكانها إن إستمرت الحال على ذلك ويبدو أنه سوف تستمر, مزبلة التاريخ.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment