قطر تحاول التصرف في شؤون المنطقة كأنها دولة عظمى بكل ما تحمله الكلمة من معنى وكل ذلك بفضل أموال النفط والغاز. فقد قامت بإستضافة القواعد العسكرية الأمريكية وعلى نفقة الحكومة القطرية. كما أن قناة الجزيرة التي تم تأسيسها سنة 1996 تعتبر رأس حربة في مساهمات قطر الإعلامية لصالح المجهود الحربي الأمريكي في المنطقة العربية. قناة الجزيرة لعبت دورا رئيسيا في نشر ثقافة التطبيع مع العدو الصهيوني حيث أدخلته الى بيوتنا بهدف سماع رأي الطرف الآخر وكأن للمحتل ومغتصب الأرض رأي يسمعنا إياه. المال القطري يحاول فرض وصايته على فلسطين والقضية الفلسطينية عبر تمويل حركة حماس وحكومتها الإنفصالية في قطاع غزة. وحتى في عالم الرياضة, المال القطري كان حاضرا وبقوة. فقد فازت قطر بتنظيم كأس العالم 2022 عبر تقديم الرشاوى المالية لأعضاء الفيفا وشراء الذمم وتمويل أفلام دعائية قصيرة لم تمانع فيها من طلب الدعم من الكيان الصهيوني. الإعلامية الأسترالية وعضو لجنة ترشيح أستراليا في قرعة تنظيم كأس العالم 2022 بونيتا مرسيدس قد فضحت في كتابها "مهما كلَّفَ الأمر" قيام قطر بدفع مبالغ مالية الى عدد من أعضاء لجنة الفيفا مقابل التصويت لصالح قطر.
إن ذلك ليس نهاية الحديث عن قطر ودورها في المنطقة العربية. خلال أحداث الربيع العربي, كانت قطر سبَّاقة في تقديم التمويل الى منظمات المجتمع المدني التي هي في حقيقتها مجرد واجهة تعمل بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية لقلب أنظمة الحكم في عدد من بلدان الوطن العربي لصالح ما يعرف بالفوضى الخلاقة. التمويل القطري لتلك المنظمات كانت بعلم وموافقة الإدارة الأمريكية وبالتنسيق معها. قناة الجزيرة تحولت الى منبر إعلامي لتنظيم القاعدة الذي كان ناشطا في عدد من البلدان العربية خصوصا في سوريا, مصر, تونس وليبيا. قطر والتي تناصر وتؤيد وتمول تنظيم الإخوان المسلمين أصدرت وعبر يوسف القرضاوي الفتاوي بتكفير الحكام العرب في سوريا وليبيا وتحليل دمائهم ودعوة القوات الأمريكية الى غزو سوريا عسكريا بل والإعلان بكل صفاقة ومن على منبر أحد المساجد في العاصمة الدوحة أن التنظيمات الإرهابية التي تقاتل الجيش العربي السوري لن تهاجم دولة الكيان الصهيوني لو تلقت دعما عسكريا أمريكيا.
إن عقدة النقص التي يعاني منها القائمين بأمر السياسة القطرية هي مشكلة عويصة بالفعل على الفهم ولكن من يطالع السياسة الداخلية والخارجية القطرية, يجد أنها مصابة بانفصام الشخصية(شيزوفرينيا) وكذلك مفتي قطر يوسف القرضاوي مصاب بالمرض نفسه وذلك واضح من تصرفاته وتصريحاته وخطبه. ففي الوقت نفسه الذي كانت قاعدة العيديد في قطر محطة رئيسية لانطلاق الطائرات الأمريكية المقاتلة التي كانت تقصف العراق وتدمر بنيته التحتية, كانت قناة الجزيرة تدين عمليات القصف الأمريكية وتعرض وجهات نظر تعارض التدخل الأمريكي في العراق. مفتي قطر يوسف القرضاوي كان يفتي في السر مؤيدا مشاركة مسلمين في القوات الأمريكية التي قامت بغزو العراق بينما في العلن, كان يعارض الغزو الأمريكي للعراق. قناة الجزيرة والقائمين عليها مصابين هم أنفسهم بانفصام الشخصية وذلك واضح من تقاريرهم الإخبارية التي تتحدث عن مشكلة البدون في الكويت بينما تتجهل مشكلة أفراد قبيلة بني مرَّة والذين هم بالآلاف حيث تم تجريدهم من جنسياتهم وطردهم خارج قطر. في قطر هناك سفارة صهيوني تعمل تحت مسمى مكتب تمثيل تجاري وقطر عرضت خارطة فلسطين أثناء دورة الألعاب العربية التي جرت أحداثها في قطر سنة 2011 حيث عرضت خارطة فلسطين تمثل مساحة 22% من فلسطين التاريخية.
أما بالنسبة للسياسة الداخلية القطرية فهي ليست بأفضل حالا من سياستها الخارجية. أمير قطر السابق حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني انقلب على أبيه خليفة بن حمد آل ثاني سنة 1995 وبمباركة من قائدة قاعدة العيديد الأمريكية الراعي الرسمي للإنقلابات العسكرية في دولة قطر. حاكم قطر الحالي تميم بن حمد بن خليفة فقد تولى كرسي الإمارة بعد إنقلاب ناعم برعاية أمريكية سنة 2013. وقد سبق ذلك إنقلاب ناعم آخر تنازل بموجبه ولي عهد إمارة قطر جاسم بن حمد آل ثاني عن ولاية العهد لصالح أخيه غير الشقيق تميم بن حمد آل ثاني. ولأن الحكم في إمارة قطر لا يكون إلا من خلال إنقلاب عسكري, فإن والد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني, حمد بن خليفة بن حمد آل ثاني قد قاد إنقلابا عسكريا سنة 1972 على حاكم قطر وإبن عمه أحمد بن علي آل ثاني. ولكنك لن تشاهد أي خبر عن تلك الانقلابات على قناة الجزيرة التي تتحدث عن تاريخ الإنقلابات في مملكة البحرين أو تاريخ الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية.
إن السياسة الإعلامية القطرية القائمة على شراء الولائات والذمم والأقلام يجري استخدامها في كل مضمار حتى في مضمار الرياضة حيث يتم شراء لاعبين أجانب خصوصا في مجال ألعاب القوى وتجنيسهم بالجنسية القطرية ودفعهم الى المشاركة في الدورات الرياضية الدولية بإسم إمارة قطر. وفي مجال الإعلام, تقوم قطر على دفع مبالغ مالية ضخمة لجهات إعلامية مقابل الدفاع عن قطر. كما أنها بتأسيس عدد من المواقع والصحف التي يديرها ويشرف عليها الفلسطيني المتصهين عزمي بشارة. وفي الولايات المتحدة, نجحت إمارة قطر وعبر الصحفي في محطة الجزيرة نزار الريان وسعود بن خالد آل ثاني, أحد أفراد الأسرة الحاكمة, في شراء الصحفي الفلسطيني أسامة فوزي الذي قام بتحويل صحيفة عرب تايمز الى منبر للدفاع عن قطر ومهاجمة خصومها. أسامة فوزي قام بحذف الفيديوهات والمواضيع السابقة والتي كان من خلالها يهاجم إمارة قطر وأسرتها الحاكمة. بل ووصل الهجوم الى أنه اتهم والدة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني, موزة المسند, بأن على علاقة غرامية بمواطن مصري في مدينة الإسكندرية وأنها كانت تلتقيه أثناء زيارات تقوم بها الأسرة خلال فصل الصيف. ولكن ذلك بالنسبة للنظام القطري لا يهم, فقد عفا الله عما سلف حتى لو كان ذلك السلف هتك الأعراض والطعن في الشرف الذي يجب أن تراق على جوانبه الدم. ولله في خلقه شؤون.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment