قناة أورينت التي تعتبر أحد القنوات الداعمة للإرهابيين في سوريا قد قامت بتصعيد حربها الإعلامية على سوريا عبر نشر فيديوهات تنسبها الى مصادر سورية موثوقة. تلك الفيديوهات تدخل في إطار نشر الإشاعات والحرب النفسية وليست إلا من وحي خيال معدي البرامج في القناة والذين هم للأمانة يتمتعون بخيال واسع حيث يشرف على عملهم كبار خبراء صناعة الأفلام في هوليود. قناة أورينت ليست إلا بيدق من بيادق الحرب الإعلامية على سوريا حيث فشل العمل العسكري في إسقاط الحكومة السورية التي حافظت على وجودها واستمرت في ممارسة أعمالها الإعتيادية.
أحد جوانب الحرب الإعلامية التي تقوم بتكرارها قنوات الضلال الإعلامي مثل الجزيرة, العربية, أورينت هي أن جد الرئيس السوري سليمان الأسد قد قام بمشاركة عدد من الشيوخ العلويين بتوقيع وثيقة تطلب من الفرنسيين عدم مغادرة سورية وإقامة دولة علوية في الساحل السوري. وكما يعلم الجميع, فرنسا كانت دولة إحتلال في سوريا ولبنان ولذلك فإن أي وثائق يتم عرضها من أرشيف الإحتلال الفرنسي يجب أن تتعرض للفحص والتمحيص وهو الأمر الذي لم يحدث في حال تلك الوثيقة المزعومة حيث ليس من المتاح للخبراء التأكد من مصداقية الوثيقة. والفرنسيين لهم مصلحة واضحة في تزوير الوثيقة حيث أن سوريا كانت مستعمرة فرنسية في السابق وتم طرد فرنسا منها بعد مقاومة مسلحة إشترك فيها جميع فئات الشعب السوري.
إن مقاومة المحتل الفرنسي في سوريا اشتركت فيها جميع فئات وطوائف الشعب السوري وحتى ثوار من الأردن ولبنان شاركوا في قتال الفرنسيين بتنسيق كامل حيث كان الهدف إشغال الفرنسيين على أكثر من جبهة وتشتيت قوتهم. قادة الثورة كانوا: الشيخ صالح العلي في منطقة الساحل السوري, إبراهيم هنانو في محافظتي إدلب وحلب, حسن الخراط في دمشق والغوطة, فوزي القاوقجي في محافظة حماة, سلطان باشا الأطرش في منطقة جبل العرب والشيخ عياش الحاج حسين في منطقة الفرات والبادية. الثورة السورية الكبرى لم تكن حكرا على فئة أو قبيلة أو طائفة في سوريا. قنوات الضلال الإعلامي التي تحاول باستمرار بث الفتنة والتفرقة بين أبناء الشعب السوري بناء على سياسة فرق تسد وتحاول أن توحي بأن فئة أو طائفة في سوريا تحاول إحتكار مقاومة الإحتلال الفرنسي وذلك كلام لا يدخل دماغ شخص عاقل.
والآن, نتحدث عن الوجه الآخر لتلك الحرب الإعلامية القذرة. قنوات مثل الجزيرة لا تتحدث عن معاهدات الحماية التي وقعها شيوخ قطر مع بريطانيا. كما أن قناة العربية لا تتحدث عن معاهدات الحماية التي وقعتها أسرة أل سعود مع بريطانيا ولا عن الراتب الشهري الذي كان إبن سعود يقبضه من الحكومة البريطانية ولا عن الدعم العسكري الذي كانت تقدمه له بريطانيا. في الكويت, لولا التدخل الأمريكي والبريطاني لكان صدام قد نجح في ضم الكويت الى العراق وكانت خطوته التالية غزو السعودية. القنوات الإعلامية السعودية والكويتية لا تتحدث ولا تنتقد طلب الحماية من الولايات المتحدة ودفع نفقات القوات العسكرية الأمريكية خلال تحرير الكويت. المعارضة السورية قدمت طلبات عطف وإستجداء للولايات المتحدة, فرنسا, بريطانيا وحتى دولة الكيان الصهيوني في سبيل التدخل العسكري المباشر في سوريا ثم يتحدثون عن وثيقة تعود الى قرن من الزمان. المعارضة الليبية قبلت أحذية الغرب وقدم له فروض الولاء والطاعة عندما كان قوات القذافي على بعد 50كم من معقلهم الرئيسي في بنغازي وذلك حتى يتدخلوا لصالحهم.
لماذا التركيز على وثيقة مزعومة مشكوك في صحتها ومصداقيتها؟
الهدف هو استغلال ذلك لأغراض سياسية. فلو افترضنا صحة تلك الوثيقة, لست أرى فيها أي عمل من أعمال الخيانة لأن فتاوي إبن تيمية بقتل العلويين مازالت حية في الذاكرة في السابق وحاليا. وبالتالي, ليس من المستغرب طلب الحماية وحفظ النفس حتى من الشيطان وليس من فرنسا. سياسة الإحتلال الفرنسي في سوريا قامت على تقسيمها الى كانتونات طائفية رغم عدم قبول السوريين بذلك. فقد تم تقسيم سوريا الى: دولة حلب (1920), دولة العلويين (1920), دولة لبنان الكبير (1920), دولة جبل الدروز (1921), لواء الاسكندرون المستقل (1921). والسؤال هو هل طلب الفرنسيون مشورة أهالي حلب أو لواء الإسكندرون أو الدروز قبل إعلان دول مستقلة في تلك المناطق؟ السوريون رفضوا الخطة الفرنسية وثاروا عليها وجرَّدَ الفرنسيون حملات عسكرية كبيرة الى منطقة الساحل, جبل الدروز, حلب وإدلب ومنطقة الغوطة في دمشق في سبيل قمع الثورة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment