Flag Counter

Flag Counter

Monday, July 16, 2018

المجتمعات وتيارات الإسلام السياسي, المعركة القادمة

إن المعركة بين المجتمع كوحدة بنيوية في تركيب الدولة ونظامها السياسي وبين التيارات الدينية هي معركة مستمرة ولن تتوقف حيث تهدف تلك التيارات إلى إخضاع تلك المجتمعات لسلطاتها التي ترى أن مصدرها هو نصوص دينية مقدسة, هاذا من ناحية. أما من ناحية أخرى, فإن الفرد أو الشخص وهو المكون الرئيسي للمجتمع بطبيعته المتمردة والفطرة التي فطر عليها من حب الذات والفردية سوف يرفض تلك السلطات ويقاومها. وكما نعلم فإنه بين الرفض والقبول لسلطات الحكم بالحق الإلهي, ينشأ صراع قد تكون بعض فصوله غاية في الدموية. بل وقد تكون تلك الصراعات بين التيارات الدينية أو بين الأفراد أنفسهم لا تقل دموية عن الصراع بين المجتمع والتيارات الدينية التي تحاول أن تتمدد في المجتمعات وتحتكر تفسير النصوص الدينية لأن تلك النصوص هي مصدر قوتها وسلطتها. حالة الصراع تلك يمكن اختصارها بين من يقولون أن "الوطن هو وثن" و بين من يقولون أن "الوطن للجميع."
هناك حالة من العداء وفي كثير من الأحيان حالة من الشك والريبة تنشأ بين التيارات الدينية ويمثلها في الوطن العربي أحزاب الإسلام السياسي على إختلاف مسمياتها وبين المؤسسة العسكرية والأمنية بتركيبتها التي تتكون من أفراد أساس عملهم قائم على مبدأ الحرص والحذر والإستعداد الدائم  لكل الإحتمالات. ذالك الصراع تعود جذوره إلى المبادئ التي قامت عليها أحزاب الإسلام السياسي والتي لا تقبل الجدال أو التشكيك بالإضافة إلى الانعزالية والسرية التي تتميز بها تلك الأحزاب والتي ترفض عضوية الأخر المخالف للعقيدة بالعكس من الأجهزة العسكرية والأمنية التي تعد التنوع في رأسمالها البشري أمرا ضروريا بل وحيويا.
إن النموذج المصري يعد نموذجا واضحا لحالة الصراع  بين المجتمعات والمؤسسة الدينية والتي إنتهت أحد فصولها لصالح المؤسسة العسكرية التي قبضت على الزعامات الدينية وأودعتها السجون فتمرد اتباعها مدفوعين بتفسير نصوص دينية ترى في أن الإنقلاب على شرعيتهم الإنتخابية هو تمرد على الذات الإلهية التي كان القضاء والقدر هو المسؤول الأول والأخير عن وصولهم لكرسي الحكم. وهناك نموذج أخر وهو النموذج الجزائري حيث قامت الحكومة الجزائرية التي أقلقها فوز التيارات الدينية بأغلبية برلمانية سنة ١٩٩٢ بإلغاء الإنتخابات فتمرد أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإنتشرت عدوى التمرد لدى الكثيرين من أتباع التيارات الدينية وإنضم إليهم الفوضويون والعابثون وقاطعي الطريق وكل من في نفسه ضعف فيما يعرف بالعشرية السوداء والتي لعبت فيها أيادي خارجية دورا قذرا في التحريض والتمويل وتقديم كافة أنواع الدعم للمتمردين على الحكومة الجزائرية.
هناك العديد من النماذج لأحزاب الإسلام السياسي والتي يمكن تقديمها للقارئ بهدف التوسع في شرح تلك الحالة والتي لن تكون محصورة بالإسلام بل حتى بالمسيحية او باليهودية وأي أديان أخرى كالبوذية ولن تكفي مجلدات كاملة لشرح كل حالة بالتفصيل. ولكن من المهم معرفة العامل المشترك بين جميع تلك الأديان والمذاهب وهي السرية والكتمان والتي تتعارض مع جوهر الدعوة الدينية التي أمر الله بها أنبيائه حيث أمر بإشهار الأراء والمعتقدات. هناك مجموعة أمثلة يمكن تقديمها وهي حزب التحرير الإسلامي الذي أسسه في فلسطين تقي الدين النبهاني, في سوريا هناك القبيسيات وفي تاريخ المسيحية الغربية هناك جماعة فرسان الهيكل وجماعة فرسان مالطا. إن السرية والكتمان والتي هي منهج تلك التنظيمات لا تهدف إلا لإضفاء هالة من القدسية على زعمائها حيث نشاهد أتباعهم يقبلون أيديهم بل وأرجلهم ويتبركون بحمل نعالهم. إن قرائة بسيطة لسيرة الأنبياء تكشف زيف تلك الممارسات وهشاشتها حيث كانوا يرفضون تلك التصرفات.
إن التيارات الدينية تحاول التسلل إلى بعض بلدان الوطن العربي والتي إبتليت بما يطلقون عليه الفوضى الخلاقة وثورات الربيع العربي والتي ليست إلا تسميات إعلامية براقة لحركات تمرد مسلح على سلطات الأنظمة الحاكمة تحت ستار مطالب إجتماعية بينما تخفي وجهها القبيح وتقوم بشن حملة كراهية في وسائل الإعلام  ترصد لها موارد مالية هائلة. إن بعض تلك التنظيمات والذي يتخفى تحت مزاعم الإعتدال والولاء للدولة والوطن يحاول إستغلال الحالة النفسية للجماهير والتغيير في التركيبة الإجتماعية في دول كسوريا ومصر وتونس وليبيا والجزائر للتسلل ليضرب جذوره في عمق تلك المجتمعات إستعدادا للمعركة الفاصلة ليس فقط مع السلطات الحاكمة بل مع الجماهير في المحاولة النهائية للإنقضاض على تلك المجتمعات والسيطرة عليها تنفيذا للأجندات الصهيونية والغربية في تمكين التيارات الدينية من الحكم في الوطن العربي تحقيقا لأساطيرهم الدينية. إن على الحكومات في تلك الدول الحذر والعمل فورا على تفكيك أي محاولة من قبل تنظيمات الإعتدال الإسلامي المزيف حتى لو كانت تلك المحاولة بريئة في ظاهرها ولكن في باطنها تحمل سما ناقعا كتأسيس مدارس إسلامية لأبناء الشهداء أو مدارس دينية او محاولة السيطرة على العمل الاجتماعي والخيري والسيطرة على وسائل الإعلام المختلفة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment