Flag Counter

Flag Counter

Sunday, March 26, 2017

هل سوف يساهم إرتفاع أسعار النفط بإنقاذ الحضارة البشرية؟

إرتفاع معدل الولادات ومشكلة الإنفجار السكاني في بلدان عديدة حول العالم أصبحت مشكلة تؤرق ليس فقط البلدان المعنية بل الإقتصاديين ومراكز الأبحاث المختصة وخبراء التغذية والسبب هو التسائل عن نوعية الحياة التي تكون الكرة الأرضية قادرة على دعمها لتعداد سكاني يتجاوز حدود لمعقول بكثير؟
أسباب مشكلة الإنفجار السكاني تختلف من بلد لآخر والحلول المطبقة قد تكون مختلفة ولها سلبيات عديدة فالصين إتبعت سياسة الطفل الواحد ولكن تلك السياسة لها سلبياتها منها صعوبة تطبيقها في الريف لعدم إلتزام السكان بها ورغبة الكثيرين بإنجاب الذكور ومع تقدم الوسائل الطبية التي تكشف عن نوع الجنين في فترة مبكرة من الحمل مما أدى إلى تزايد حالات الإجهاض ونشوء جيل لم يلتزم معايير التربية الصارمة بسبب التدليل الزائد من قبل الأهل وكذالك زيادة نسبة الذكور على الإناث مما عرض التركيبة السكانية في الصين إلى خلل يزداد يوما بعد يوم.
نفس المشكلة تعاني منها الهند وهي تزايد سكاني أفلت من عقاله مع فشل الحكومة في وضع سياسات ناجحة للسيطرة على المشكلة مع محاولة إبقاء النمو الإقتصادي وفق مستوى يدعم ذالك النمو. وفي الهند أيضا هناك تزايد في معدلات الإجهاض بسبب إنتشار أجهزة الكشف عن الأجنة في مرحلة مبكرة وهناك أيضا سبب ثقافي يجعل العائلات تفضل الذكور على الإناث وهو يرجع إلى أن دفع المهر والكثير من تكاليف الزواج يعود على أسرة الفتاة.
دول غربية كثيرة تعاني من المشكلة الديموغرافية ولكن بطريقة عكسية وهي إنخفاض معدل الولادات منها الولايات المتحدة التي تقف على الحد الفاصل لمعدل الولادات الأدني اللازم للحفاظ على حضارة وهو ٢.١١ وذالك بفضل الهجرة من أمريكا اللاتينية والأهم الهجرة الإسلامية حيث سوف يبلغ عدد المسلمين في الولايات المتحدة ٥٠ مليون خلال الثلاثين سنة القادمة. بلد مثل إسبانيا أو اليونان حيث تبلغ معدلات الولادة لكل مائة نسمة ١.١ و١.٣ على التوالي وهو ما يستحيل عكسه بحسب الأبحاث بأن أي حضارة معدل الولادات فيها يبلغ ١.٣ حيث سوف تنقرض تلك الحضارة أو أنها تحتاج إلى ٨٠-١٠٠ سنة لتصحيح الوضع حيث لا يوجد أي نموذج إقتصادي ناجح ليدعم عملية التصحيح كل تلك الفترة الزمنية. ولكن أوروبا يتزايد عدد سكانها والسبب هو الهجرة الإسلامية تحديدا بحسب أحد الأفلام الوثائقية الغربية القصيرة التي تحذر من تلك المشكلة.
هناك توجه فكري غربي بإلقاء الملامة في ثورات الربيع العربي على الجوع وإرتفاع معدلات البطالة ولكن ماذا عن أمريكا؟ ماذا عن عدد المشردين في الشوارع بدون مأوى أو تأمين طبي أو أي خدمات إجتماعية؟ ماهي نسبة الذين يعتمدون على الخدمات الإجتماعية وبطاقات الغذاء؟ في أمريكا ٥٠ مليون شخص جائع نسبة كبيرة منهم من الأطفال. حتى أن بلدانا مثل كندا تعاني من مشكلة الجوع وإلا كيف يتم تفسير الإعلانات الحكومية المصورة عن مأساة الكنديين الذي يجدون أنفسهم أمام مشكلة الإختيار بين ثلاث وجبات في اليوم وبين تأمين سكن ملائم؟
ماذا عن إضطرابات سنة ١٩٦٥ في كاليفورنيا والتي كان سببها إيقاف سائق سيارة أمريكي من أصول أفريقية بسبب قيادته السيارة وهو مخمور وإستدعاء الحرس الوطني بعد عجز الشرطة المحلية عن السيطرة على الإضطرابات التي إندلعت عقب تلك الحادثة وعن الإجرائات التي تم إتخاذها والتي أدت لوفاة العديد من المواطنين الأمريكيين بسبب إستخدام الحرس الوطني القوة والرصاص الحي. ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهني فورا هو هل سبب تلك الإضطرابات هو المجاعة؟ وهل أمريكا بلد ديكتاتورية أم أنها أم الحريات؟ وهل إنتفت الأسباب التي أدت إلى تلك الإضطرابات؟
الجواب على السؤال الأخير هو (لا) لأن أحداث سنة ١٩٩١ أثبتت عدم تحسن الوضع في الولايات المتحدة من ناحية إنتهاكها الحقوق المدنية لمواطنيها ونمو نزعة عنصرية فقد أصبحت مشاهد إطلاق النار على مواطنين أمريكيين أغلبهم من أصول أفريقية من قبل الشرطة أمرا متكررا بصورة مقلقة.
هل في أمريكا يبلغ سعر كيلو الخبز أقل من نصف دولار أمريكي كما في سوريا؟ هل الحكومة الأمريكية تقوم بدعم مادة الطحين والمواد الغذائية الأساسية وتقدم الرعاية الصحية شبه المجانية لمواطنيها كدواء للسرطان بمبلغ ٥٠ ليرة سورية أي مايعادل دولار أمريكي واحد بأسعار الصرف قبل سنة ٢٠١٠؟
هل يقارن عدد الجياع والمشردين بلا مأوى ومن لا يستطيعون الحصول على ثلاثة وجبات في اليوم الواحد في أمريكا وكندا ودول أوروبية عديدة بعددهم في دول مثل سوريا ومصر وتونس وليبيا وهل سبب الإضطرابات في بعض الدول الغربية هو الجوع وقلة الوظائف؟
هل كل خريج في أمريكا يستلم راتبا حكوميا حتى إيجاد عمل مناسب كما كان الحال في ليبيا أيام حكم الرئيس السابق معمر القذافي؟ الليبيون في زمن الحصار المفروض على بلدهم كانوا يستخدمون مادة الخبز كجزء أساسي من غذاء الماشية بدلا من الأعلاف لإنخفاض سعرها بسبب الدعم الحكومي فهل هذه بلد تقوم فيها إضطرابات سببها المجاعة؟
أمريكا وأوروبا تعانيان من إرتفاع نسبة البطالة والمشردين بدون مأوى والفساد والبيروقراطية والديكتاتورية حيث تراقب الحكومات هناك وبدون أذون قضائية مناسبة إتصالات المواطنين وإيميلاتهم الإلكترونية حيث تفجرت فضيحة كبيرة كما أنه هناك قانون باتريوت في الولايات المتحدة الذي يحد من الحريات الشخصية للمواطنين الأمريكيين.
إن كل ماسبق ذكره يقودنا إلى سؤال وهو هل سوف يساهم إرتفاع أسعار النفط بإنقاذ ليس فقط الكرة الأرضية بل الحضارة البشرية؟
إن الكثير من الأراء العلمية تجمع على وجوب إتخاذ إجرائات عاجلة وسريعة للحد من الإنبعاثات الضارة وخصوصا ثاني أكسيد الكربون التي تتسبب بإتساع ثقب الأوزون وقد ينتهي الأمر إلى حصول ما يمكن لتقريب الصورة بوصفه أرماجيدون مناخية.
وقد لا يأخذ البعض التغيرات المناخية وتأثيراتها بجدية ولكن الأمم المتحدة قامت بتأسيس (The Intergovernmental Panel On Climate Change - IPCC) وهي عبارة عن منظمة تهتم بدراسات المناخ وتجمع آلاف العلماء المختصين من مختلف أنحاء العالم لدراسة الإنبعاثات وتأثيرها على الكرة الأرضية بشكل عام.
من النتائج التي توصلت إليها دراسات تلك المنظمة أنه في حال إرتفعت درجة حرارة الأرض أربعة درجات سيليزية خلال المائة سنة القادمة فإن النتائج سوف تكون كارثية إن لم يكن هناك عمل جاد للحد من الإنبعاثات. تلك النتائج الكارثية يمكن تلخيص بعض نقاطها على النحو التالي:
- جفاف سوف يؤدي إلى تناقص حاد في المحاصيل الزراعية
- تسارع ذوبان الأنهار الجليدية سوف يؤدي إلى فيضانات في المناطق الساحلية المنخفضة وبعض البلدان مثل بنجلاديش وفيتنام والمراكز الحضرية الرئيسية مثل نيويورك, طوكيو, كراتشي ولندن
- أكثر من نصف فصائل الحيوانات والنباتات التي تعيش على اليابسة سوف تكون مهددة بالإنقراض
- نتيجة أخرى متوقعة للفيضانات وإرتفاع مستوى المياه هو إحتمال إنتشار الملاريا وحمى الضنك
مشكلة الإنبعاث الحراري ليست بدون حل ولكن يجب العمل على تخفيض الإنبعاث الكربوني والغازات الضارة إلى النصف وعندها فقط يمكن السيطرة على مشكلة الإحتباس الحراري وثقب الأوزون.  
المشكلة أن مصداقية تلك المؤسسات على المحك حيث يتهمها البعض بأنها ليست إلا ستارا لأجندات سياسية هدفها السيطرة على الشعوب والتحكم بها.
والسؤال المطروح هنا ليس عن كيفية السيطرة على المشكلة فجواب السؤال معروف وهو تخفيض إستهلاك النفط والفحم والغاز ولكن إن كان ذالك ممكنا أو إن كان ذالك الحل قابل للتطبيق عمليا؟
كان الحل بالنسبة للأمم المتحدة هو إقرار إتفاقية كيوتو والتي تعد الخطة التنفيذية بشأن إتفاقية الأمم المتحدة المبدئية من أجل التغيير المناخي. ولكن المشكلة في تلك الإتفاقية لم يكن خفض إنبعاث الغازات الضارة بقدر ماكان إعادة توزيع تلك الإنبعاثات على الدول الغير مشمولة بالإتفاقية كما أن تطبيقها إعترته عراقيل منها عدم الأتفاق على سعر عالمي موحد للإنبعاثات الكربونية ومحاولة بعض الدول تغيير بنود تلك الإتفاقية كالولايات المتحدة بضغط من رجال الأعمال واللوبيات الإقتصادية وإنسحاب بعض الدول منها تهربا من إلتزامات وغرامات مالية قد تترتب على عدم إلتزامها ببنود الإتفاقية.
هناك نقطة خلاف جوهرية بين الدولتين صاحبتي أكبر نسبة من الإنبعاثات الكربونية وهما الولايات المتحدة والصين, نقطة الخلاف هي ما يسمى الإنبعاثات التراكمية(Cumulative Emissions). الصين تزعم أن مساهمة الولايات المتحدة بنسبة الإنبعاثات الكربونية منذ ما يسمى الثورة الصناعية الكبرى يبلغ ٢٧% بينما الصين لا تتعدى نسة ٩.٥% ولكن حاليا فإن الإنبعاثات الكربونية من الصين تجاوزت مثيلاتها في الولايات المتحدة ولكن بالمقياس التراكمي فإن الولايات المتحدة ساهمت بحصة من الإنبعاثات الكربونية تبلغ ثلاثة أضعاف الصين ولذالك فإن الصين تصر على تحمل الولايات المتحدة نسبة تكلفة أكبر في سبيل مكافحة إنبعاث الغازات الضارة.
أحد وجوه تخفيض إنبعاث الغازات الضارة متعلق بإيجاد مصادر بديلة وقد كان الإعتماد تخفيض إستهلاك النفط, الفحم, الغاز لصالح الطاقة المتولدة من المفاعلات النووية ولكن تم إلغاء أو فرملة تلك الخطط بعد كارثة المفاعل النووي الياباني فوكوشيما والذي أدى إلى كارثة تسرب وقود نووي إثر الزلزال الذي ضرب اليابان سنة ٢٠١١.
الركود الإقتصادي يلعب دورا مؤثرا في تخفيض إنبعاث الغازات الضارة حيث أن إرتفاع أسعار السلع والبضائع كفيل بإلغاء الكثير من المشروعات الكبرى والتي كانت من المتوقع أنها سوف تساهم في زيادة المشكلة ومثال على ذالك إلغاء مشروعات كبرى بقيمة ٥٠ مليار دولار في مقاطعة ألبرتا الكندي إثر الأزمة الإقتصادية ٢٠٠٧-٢٠٠٨.
الفحم أحد تلك المواد التي تم التوجه إليها سعيا للهرب من أسعار النفط المرتفعة ولكن زيادة إستهلاك الفحم قد أدى إلى إرتفاع سعره كما أن الفحم متهم بأنه ملوث رئيسي للبيئة ومصدر لغاز ثاني أكسيد الكربون. إرتفاع أسعار الفحم والنفط والغاز قد أدى إلى بروز الحاجة إلى التقنين حيث أصبح إنقطاع الكهرباء أمرا روتينيا في الصين والهند كما أن الإرتفاع الكبير في أسعار المواد المستخدمة في توليد الطاقة الكهربائية كالنفط, والغاز وأخيرا الفحم يزيد الأعباء المالية المترتبة على حكومات الكثير من الدول التي تقدم دعما لأسعار إستهلاك الطاقة الكهربائية.
ولكن هناك بارقة أمل وهي أن تفهم الحكومات تأثير فرض مايسمى ضريبة الكربون على الحد من إنبعاث الغازات الضارة وأيضا أسعار الوقود المرتفعة والتي هي قد تمثل الحل الذي سوف يفرض نفسه بقوة إن لم يكن إيجاد حل إختياري بإتفاق جميع الأطراف أمرا ممكنا.
هناك أيضا توجهات بخصوص سيارات تسير بالكهرباء وأخرى منخفضة الإستهلاك للوقود أو مايطلق عليها سيارات الهايبر (Hyper Cars) ومصادر الطاقة البديلة وهي تغيرات نرى تأثيرها في الدول الإسكندنافية كالدانيمرك والنرويج حيث تنتشر قيادة الدراجات الهوائية حيث هناك مسارب مخصصة لها في مختلف المدن وممارسة رياضة المشي للذهاب للعمل أو الجامعة أو التسوق.أن ظاهرة الإحتباس الحراري قد أدى إلى ظهور حركات إجتماعية في كل من اليابان وألمانيا وبلدان أخرى حيث تقوم بنشر الوعي المجتمعي بين الشعوب حول فوائد التقليل من إستهلاك الكهرباء ومصادر الطاقة المختلفة وأثر ذالك الإيجابي على البيئة.
هناك الكثير من الحلول المتوفرة التي قد يفرض بعضها نفسه بقوة إن لم تصل جميع الأطراف لحلول قد تكون منطقية ومقبولة للجميع لتجنيب الكرة الأرضية كوارث إقتصادية ومناخية لم تترك بلدا واحدا من تأثيراتها المدمرة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment