ثقافة العنف خصوصا قطع الرؤوس أصبحت سمة إسلامية بفضل تركيز الإعلام الغربي عليها حيث يخشى إنتقال العدوي لدول أوروبية مع موجات المهاجرين والتي أدت ليس فقط إلى تسرب أشخاص يؤمنون بثقافة العنف إلى أوروبا بل أشخاص شاركوا بالقتال إلى جانب تنظيمات متطرفة وبعضهم إرتكب إعتدائات في دول أوروبية مختلفة والتي إستيقظت مؤخرا وبدأت بإعتقال هؤلاء والتدقيق في هوية القادمين إليها.
إن تلك المشكلة, ثقافة العنف, يجب أن ينظر إليها من كافة الجوانب فأوروبا عانت منها منذ زمن طويل سابق لموجات الهجرة الحالية والصحوة في فترة الثمانينيات. محاكم التفتيش الكنسية لم تترك مسلما أو يهوديا أو حتى مسيحيا بروتستانتيا أو أي من الطوائف المسيحية الأخرى المتهمة بالهرطقة من دون ملاحقته وتعذيبه وإعدام مئات الألاف بأبشع الطرق. الثورة الفرنسية التي يتم تدريسها في المناهج الدراسية في طول الوطن العربي وعرضه على أنها رمز للحرية وحقوق الإنسان قامت على مبدأ الإعدام بالمقصلة ومايسمى العنف الثوري الذي راح ضحيته عدد كبير من الأبرياء لمجرد الإشتباه بأنهم معادين للثورة. الإحتلال الفرنسي والإسباني والإنجليزي لعدد من بلدان الوطن العربي خصوصا الجزائر تم إرتكاب أبشع الجرائم تحت مسمى الإنتداب وتحضير الشعوب لإخراجها من همجيتها. الإحتلال الفرنسي للجزائر قام بإجراء تجارب ذرية في صحراء الجزائر على أسرى جزائريين وأفراد من عامة الشعب تم ربطهم إلى اعمدة خشبية لدراسة تأثير الإشعاعات على أهداف بشرية حية. كما أنه تم إصدار طوابع تذكارية لجنود فرنسيين بجانب رؤوس مقطوعة لمواطنين جزائريين وطابع تذكاري فرنسي لمجزرة حي سيدي عثمان في المغرب الدار البيضاء سنة 1917 وهناك صورة لجنود فرنسيين في الكاميرون مع رؤوس مقطوعة لمواطنين من تلك الدولة الأفريقية التي عانت من الإحتلال الفرنسي. دفن المواطنين الجزائريين أحياء كان أيضا ممارسة معتادة أثناء الإحتلال الفرنسي ومع ذالك ترفض فرنسا إلى الأن الإعتذار عن جرائمها في بلد المليون ونصف المليون شهيد.
ماذا عن الماضي الإستعماري البلجيكي في الكونغو؟ هل تذكرون عرض المواطنين الكونجولين في حدائق الحيوان لكي يتسلى المستعمرون بالفرجة عليهم؟ ماذا عن التمييز الذي يتعرض له المواطنون الأصليون في أستراليا والمجازر التي تعرضوا لها في السابق حيث أبيد منهم الملايين؟ حتى في الولايات المتحدة فقد كانت إبادة السكان الأصليين الهنود أمرا إعتياديا.
ماذا عن الصراع الطائفي في أيرلندا والذي يهدد بالإشتعال مرة أخرى في أي لحظة؟ هل تعلمون أن الكاثوليك والبروتستانت كان يتبادلون عمليات القتل بإعتبار ذالك واجبا دينيا بالتخلص من المهرطقين أتباع الطرف الأخر؟ ماذا عن أحداث كأس الأمم الأوروبية في فرنسا مؤخرا وفي عدد كبير من البطولات ومبارايات كرة القدم الأوروبية؟
سوف يأتي أحدهم ليقول أن ذالك جزء من الماضي ولكن العديد من تلك الجرائم يعود لفترة الخمسينيات والستينيات بل ومنذ أيام قليلة تسبق كتابة الموضوع حيث من المفترض أننا نعيش عصر الحرية وحقوق الإنسان ولكنه كان في الحقيقة أقرب للعصور الوسطى منه لعصور الحضارة والتطور والتقدم.
من ينظر لمشكلة العنف والإرهاب على المستوى العالمي سوف يجد كل الدلائل التي تدعم وجهة النظر القائلة بأنه لايستطيع أي طرف التنصل من المسؤولية وأنها مسألة مشتركة بين جميع الأطراف فهناك تيار غربي يؤيد إسقاط أنظمة حكم علمانية رغم علمهم علم اليقين أن البديل سوف يكون سيطرة الطغمة الدينية على الحكم. وقد نجحوا بالفعل في إسقاط عدد منها خصوصا في فلسطين, العراق, مصر, تونس,ليبيا والأن تجري المعارك في سوريا على قدم وساق حيث تم التصدي للخطة الهادفة لتسليمها تسليم مفتاح لتنظيم الإخوان المسلمين ومن لف لفيفهم من تنظيمات تفرعت منه على إختلاف مسمياتها.
المشكلة أن ذالك التيار اليميني وأنصاره المحافظين أعجبتهم فكرة إسقاط أنظمة الحكم بالوكالة حيث يخططون للعبث بأمن عدد أخر من البلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا تطبيقا لمبدأهم الذهبي بعدم السماح لتلك البلدان بالإستقرار حيث يتخذون من فرق تسد شعارهم المفضل.
العنف ليس الحل للمشاكل التي يعاني منها العالم خصوصا مشكلة الإرهاب. ليس هناك مبرر لهدم مدينة على رؤوس سكانها لمجرد الرغبة في إسقاط نظام حكم لأن ذالك الفعل سوف يؤدي إلى إنتاج الألاف من الراغبين في الإنتقام. ليس هناك مبرر لإحتلال بلد وقتل أكثر من مليوني شخص من سكانها أغلبهم نساء وأطفال لمجرد الطمع في موارده الطبيعية. ليس هناك مبرر لمعتقلات مثل غوانتانامو وأبو غريب وغيرها لأنها بالفعل أدت إلى تفريخ ألاف الإرهابيين. نؤيد الديمقراطية إذا كانت تعمل لصالح شركاتنا ورؤوس أموالنا وإلا فإنها ديكتاتورية وإرهاب. تلك وجهة نظر يجب أن يتخلى عنها العالم حتى يعيش سكان الكرة الأرضية في سلام ويتفرغوا لتنمية الكوكب وحل مشاكله البيئية والإقتصادية والإجتماعية بدلا من الحروب والتقاتل فيما بينهم.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment