وبينما كنت أقوم بكتابة موضوعي الأخير عن الإسلاموفوبيا وهلوسات اليمينيين الغربيين والمسيحيين المحافظين وبرهنت بالدليل كيف أن زيادة عدد السكان هي أزمة تعاني منها بلدان الوطن العربي أكثر منها أوروبا, قامت السلطات السويسرية بحرمان فتاتين مسلمتين من الجنسية لأنهم رفضوا مشاركة زملائهم من الطلاب الذكور حصة مشتركة للسباحة في المدرسة.
يبدو أن مستوى ذكاء المسؤولين الحكوميين في سويسرا لايزيد عن معدل ذكاء أبقارهم المدللة التي يشتهر بها الريف السويسري المشهور أيضا بمناظره الخلابة حيث أن تفكيرهم ضيق الأفق بتلك الطريقة.
تلك العقلية وذالك النوع من التفكير لايقتصر على سويسرا بل حتى دول أوروبية عديدة كفرنسا مثلا التي رفض وزير داخليتها منح الجنسية لمهاجر مسلم من أصول مغاربية رغم زواجه من إمرأة فرنسية وإنجابه منها أطفالا والسبب رفضه ذهاب زوجته للمسابح المختلطة. الزوجة الفرنسية التي إعتنقت الإسلام ترتدي الحجاب وهي غير حبيسة منزلها حيث تتمتع بحرية الدخول والخروج كما ذكرت تقارير المراقبة الفرنسية.
دول غربية أخرى قد تقوم بإستنفار جهاز الخدمة الإجتماعية ومسؤولين حكوميين ومعلمي مدرسة لأن إحدى الفتيات المسلمات بلغت سنا معينا ولايوجد لديها عشيق(Boyfriend) ويسمح له الأهل بزيارتها وربما المبيت في منزل الأسرة كعشيق إبنتهم, يعتبرونها معقدة نفسيا.
مشكلة تلك النوعية من العقليات الغربية تماثل بعض العقليات في الوطن العربي التي أحرقت الأخضر واليابس تحت مسمى صراع الهويات الدينية حيث يفهمون الدين على أنه سواك ومسبحة وسجادة صلاة وينسون أن الدين معاملة وأن الله غفر لبغي من بني إسرائيل لأنها سقت كلبا عطشا في الصحراء وأن إمرأة مسلمة ذهبت لسوء المصير بسبب قطة حبستها ولم تطعمها فماتت جوعا.
تلك النوعية من العقليات الغربية تفهم الإندماج على أنه دروس سباحة مختلطة ومصافحة الأخرين وعشيق الإبنة وربما لاحقا عشيق الزوجة نفسها والألبسة المحزقة والملزقة وغير ذالك من التفاهات والأمور السطحية.
المشكلة هي إزدواجية المعايير فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الأشخاص لايحبذون مصافحة الأخرين لأسباب مختلفة في الأغلب ليس لها علاقة بالدين والواجبات الدينية. كما أنه هناك الكثير من النساء لايفضلن ليس فقط دروس السباحة المختلطة بل السباحة من حيث المبدأ. قد تظنونني أبالغ ولكن يشاع على نطاق واسع أن المتنافس على ترشيح الحزب الجمهوري لمقعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب لايحبذ مصافحة الأخرين بل يقال أنه لديه فوبيا المصافحة. كما أنه لاينصح طبيا بمصافحة الأخرين في أوقات معينة حيث تنتشر عدوى الأمراض التي تنتقل بالمصافحة أو لمس الشخص الأخر كالإنفلونزا والإلتهابات الرئوية.
الراهبات الكاثوليكيات على وجه التحديد يرتدين غطاء للرأس أشبه بحجاب المسلمات كما أنهم لايذهبون لدورس السباحة المختلطة أو غير المختلطة وليس لديهم عشاق أو (Boyfriends) كما أن الكثير منهم يرفضن مصافحة الرجال.
اليهود لديهم طقوس تعقب ختان الطفل المولود حديثا حسب الشريعة اليهودية تدعى (metzitzah—metzitzah b'peh, or oral suction) ولايتم إستنكارها بإعتبارها تحرشا جنسيا بل بسبب عواقب صحية لتلك العادة التي توصف بأنها دينية بينما لو كانت تلك عادة متأصلة عند المسلمين لتحولت لحديث الإعلام الغربي المسيس ليل نهار عن المسلمين والتخلف والهمجية.
قد يفهم البعض الموضوع على غير مقصده فلست مؤيدا لأي تصرف سلبي من المهاجرين المسلمين والعرب في الدول الغربية خصوصا من يحاولون تقديم أجندات سياسية بحتة تحت ذريعة التمييز ضد المسلمين كما حصل في أحد معامل اللحوم الأمريكية التي فصلت 200 موظفا مسلما بسبب إصرارهم على اداء الصلاة بشكل جماعي ممايؤثر على مستوى العمل والإنتاج. الشركة قامت بتوفير غرفة للصلاة لكي يذهب العمال إليها على مجموعات منفصلة ولكنهم رفضوا وأضربوا عن الذهاب للعمل فتم فصلهم. وقصة طرد فتيات مسلمات من أحد مطاعم كاليفورنيا بزعم إرتدائهم الحجاب هي سخافة أخرى حيث ان أحد الشركاء في المطعم مسلمة. النساء المطرودات تجاوزن زمن الجلوس المحدد للزبائن بفترة 45 دقيقة فتم الطلب منهن مغادرة المطعم ولم يجدن ذريعة أفضل من إضطهاد الإسلام والمسلمين لإرضاء حبهم للشو وعدسات المصورين.
المشكلة أن بعض المسؤولين الغربيين أصبحوا يشاهدون المسلمين في منامهم حيث أدى الخطاب الناري لدونالد ترامب إلى موجة عداء غير مسبوقة للمسلمين ليس فقط في الولايات المتحدة التي بقيت بعيدة نوعا ما عن تلك النوعية من الصراعات بل إمتدت إلى أوروبا.
المسيحيون المحافظون واليمينيون يحاولون عبر الترويج لتفاهات وسخافات مثل رفض المسلمين مصافحة النساء الأجنبيات ورفض المسلمات المسابح المختلطة وعبر التستر تحت ذريعة الإسلاموفوبيا لتحقيق أجندات سياسية يعجزون عن الإفصاح عنها في الظروف العادية كما ان أنصار التنظيمات الإسلامية على إختلاف مسمياتها من إخوان مسلمين وحزب التحرير على سبيل المثال يحاولون هم أيضا بدورهم إمتصاص ردة الفعل المعاكسة من قبل المسلمين وتسخيرها لمصلحتهم ومصلحة أجنداتهم العنفية حيث لاحقوا المسلمين الحالمين بالتخلص من حكم الطغمة الدينية وسيطرتها حتى بلاد الغرب.
أعترف بأنني في أوقات سابقة بالغت فيما يتعلق بموضوع المصافحة ولكني حتى الأن لست أفهم أن طفلا صغيرا في المدرسة يرفض مصافحة معلمته ولست أفهم المبررات التي تدفعه لذالك كما أنني لست أفهم تلك العقلية الغربية التي تحصر الإندماج بالنسبة للمسلمين بمصافحة الأخرين ودروس السباحة ولبس النساء المسلمات للبكيني وكيف يحصرون قيم الإندماج بتلك السخافات والسفاسف.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment