Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, February 27, 2019

الإحتباس الحراري والتغير المناخي, مؤامرة أم حقيقة علمية

هناك الكثيرون ممن يؤمنون بأن مسألة الإحتباس الحراري ليست إلا مجرد مؤامرة للحد من النمو الاقتصادي لبعض الدول الصناعية كالولايات المتحدة. الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب أعلن صراحة موقفه بخصوص قضية التغير المناخي والاحتباس الحراري حتى قبل إعلان ترشحه في الانتخابات الرئاسية 2016 حيث قام بالتغريد على موقع تويتر بتاريخ 6\نوفمبر\2012: "إن مفهوم الاحتباس الحراري قد تم إيجاده من قبل الصين في سبيل جعل الصناعة الأمريكية غير تنافسية." وقد كان الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ الذي صادقت عليها الولايات المتحدة سنة 2015 من أوائل القرارات التي اتخذها فور تسلمه مهامه الدستورية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية تنفيذا لأجنداته الإنتخابية خلال حملته الإنتخابية.
إن قرار الرئيس الأمريكي لقي معارضة واسعة من قادة وسياسيين خصوصا الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي أدان القرار الذي اتخذه خلفه دونالد ترامب وتعهد ببذل المزيد من الجهد لحماية كوكب الأرض من أجل الأجيال المقبلة. باراك أوباما كان يرى أن الأولوية للتغير المناخي بوصفه أهم تهديد يواجه الولايات المتحدة وليس مسألة إنتشار الأسلحة النووية حيث تبنى خلفه الرئيس دونالد ترامب الرؤيا بعالم خالي من الأسلحة النووية ولكن حتى حصول ذلك فسوف تبقى الولايات المتحدة الدولة النووية الأقوى.
إن النقاش حول مسألة الإحتباس الحراري وتأثيرها على المناخ وأسلوب حياتنا جدلي وقديم قدم صدور كتاب عالمة الأحياء البحرية الأمريكية راشيل كارسون(Rachel Carson) بعنوان "الربيع الصامت - Silent Spring," وهو كتاب أثار جدلا واسعا حين صدوره سنة 1962. إن الصين التي شغلت حيزا كبيرا من النقاش خلال حملة الرئيس الأمريكي الإنتخابية تعد أكثر الدول تضررا من قرارات الرئيس الأمريكي الأخيرة خصوصا انسحابه من اتفاقية باريس وتصريحاته السابقة بخصوص دور الصين في إيجاد مفهوم الاحتباس الحراري حيث سارعت الصين لرفض مزاعم الرئيس الأمريكي السابقة والحالية بخصوص قضايا التغير المناخي  ودعته إلى إتخاذ القرار الذكي المتعلق بالوفاء بالتزامات بلاده بمكافحة ظاهرة الإحتباس الحراري.
إن قرارات الرئيس الأمريكي التي اتخذها خصوصا إلغاء تشريعات الحد من الإنبعاثات الكربونية في الولايات المتحدة ليست ببعيدة عن تأثير لوبيات الضغط التي تمثل مصالح شركات النفط وصناعة السيارات التي بالتأكيد سوف تتضرر مصالحها من تلك القرارات المتعلقة بمكافحة الإحتباس الحراري والحد من التغير المناخي فحتى لو لم تكن قد قدمت تبرعات لصالح الحملة الرئاسية للرئيس دونالد ترامب والتي اعتمدت بشكل رئيسي على أمواله الخاصة, فهي ماتزال تمتلك نفوذا واسعا من خلال نواب في الكونجرس وأعضاء في مجلس الشيوخ ومراكز الأبحاث التي تقوم على تمويلها بل وداخل الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض.
إن الصين قد قامت بالموافقة على إتفاقية باريس للمناخ وعبرت عن معارضتها لتصريحات الرئيس الأمريكي وكذلك إعلانه الانسحاب من الاتفاقية ولكنها تعد في الوقت نفسه من أكثر الدول معاناة من المشاكل البيئية المتعلقة بظاهرة الإحتباس الحراري خصوصا تلوث هواء المدن مثل العاصمة بكين ومدينة شنغهاي حيث من الشائع أن يرتدي السكان كمامات واقية وترتفع نسبة الإصابة بالأمراض التنفسية والصدرية بين المواطنين الصينيين مقارنة بغيرهم من البلدان. الحكومة الصينية قد بدأت مؤخرا بالإهتمام بالمسألة البيئية ولكن بخطوات حذرة مخافة التأثير على الاقتصاد الصيني الذي يعتمد على الصادرات والتنافسية في التكلفة حيث يشكل إستهلاك الطاقة نسبة كبيرة من تكاليف الإنتاج في المصانع والشركات الصينية. وكما هو معلوم فإن النفط يشكل حجر الأساس في أي خطة اقتصادية وتنموية والصين ليست بإستثناء خصوصا أنها تعتمد خططها التنموية على المدى الطويل ولن تنظر بعين الرضا للتقلبات في أسعار النفط نتيجة التلاعب بكميات النفط وتقليص الإنتاج أو المضاربة على أسعار النفط بواسطة عقود المستقبليات أو التهديد العسكري لمصالحها الحيوية خصوصا خطوط إمداد الطاقة. من وجهة نظر المسؤولين الصينيين فإن تنويع مصادر التزود بالطاقة تعد مسألة حيوية على المدى البعيد وإستراتيجية للحفاظ على مرز الصين كدولة صناعية.
إن القيادة السياسية في الصين ومنذ أن استلم دفة القيادة الرئيس شي جين بينغ قد أولت اهتماما غير مسبوق بالمسألة البيئية حيث اتخذ ذلك الإهتمام المحاور التالية:
  • الإهتمام بالغابات وتشجيع مشاريع التشجير التطوعية وزيادة فعاليتها ومنحها صفة الديمومة ودراسة كيف من الممكن حماية الغابات وفقا للقانون.
  • إدراج قضية بناء الحضارة الايكولوجية ضمن الأهداف الخمسة للخطة العامة المتعلقة بقضية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
  • تعزيز مفهوم حماية البيئة ومكافحة التلوث وإدراك جسامة تلك المهمة وصعوبتها فلا بد من المحافظة على التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
  • العمل على غرس مفهوم المسؤولية أمام الأجيال القادمة في حقهم أن يرثوا بيئة أيكولوجية أمنة ومستدامة حتى يورثوها هم بدورهم للأجيال القادمة و للأجيال التي تليهم.
إن ما يثير الدهشة فيما يتعلق بسياسة الصين في مجال الطاقة أن بناء المحطات الكهربائية التي تعتمد على الفحم الحجري في توليد الطاقة تسير بشكل موازي لبناء محطات توليد الكهرباء التي تعتمد على الطاقة النووية والطاقات المتجددة كالرياح والمد والجزر أو حتى طاقة المياه. كما أنه مؤخرا قد برز إلى الواجهة مادة الغاز كبديل عن الفحم والنفط لتوليد الطاقة الكهربائية وكذلك وقود للسيارات. إن الصين لن تتخلى إلا تدريجيا وبشكل بطيئ عن مصادر الطاقة التقليدية كالفحم والنفط وربما الغاز ولذالك برأي الشخصي أن توقيع الصين على إتفاقيات المناخ كباريس 2015 أو إتفاقية كيوتو 1997 لن يحدث تغيُّرا جذريا إلا وفق وجهة نظر بعيد المدى خصوصا أن القيادة السياسية الصينية تدرس بصبر وتأني وعلى فترة زمنية طويلة القرارات التي يتم إتخاذها والتي من الممكن أن تؤثر على الصين خصوصا في المجال الإقتصادي حيث لا يمكن المحافظة على النمو الإقتصادي ومكانة الصين الإقتصادية بدون أخذ مسألة الطاقة وأسعارها في الإعتبار.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment