Flag Counter

Flag Counter

Monday, March 4, 2019

التغير المناخي, بين الحقيقة والخيال

هناك الكثير من الجدال والنقاش بين العلماء والمختصين حول ظواهر الاحتباس الحراري والتغير المناخي والقضايا التي تتعلق بالمناخ والبيئة بشكل عام. النقاش بين العلماء والمختصين اتخذ منحى مختلف بتحوله الى قضية سياسية، أداة بيد السياسيين يتم استخدامها ضد دول بغرض الابتزاز، صراع مصالح اختلطت فيه الحقائق العلمية مع أهداف السياسيين وأجنداتهم. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دخل دائرة الجدل بإعلان انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ تنفيذا لأحد وعود حملته الانتخابية. فقد اعتبر أن تلك الاتفاقية وقضايا مثل الاحتباس الحراري والتغير المناخي أنها مؤامرة ضد اقتصاد الولايات المتحدة ملمحا الى الصين. ولكن دونالد ترامب ليس الأول من بين قادة العالم الذي يثير الجدل حول قضايا المناخ والبيئة ولن يكون الأخير، رئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر انسحب من اتفاقية كيوتو للمناخ استجابة لضغوطات شركات النفط التي كانت تستثمر بعشرات المليارات من الدولارات في مشاريع النفط الرملي في ولاية ألبيرتا الكندية وحتى لا تترتب على كندا غرامات مالية تقدر بمبلغ 14 مليار دولار بسبب عدم التزامها بنود الاتفاقية.
لقد مرَّ على كوكب الأرض خلال تاريخه عصور جيولوجية حيث تبدل الطقس وتغير بدون تدخل الجنس البشري وبدون أن يكون له أي دور أو نشاط على سطح الكوكب. قبل ستة ملايين عام، تعرض البحر الأبيض المتوسط للجفاف. قبل 90 مليون عام، كانت السلاحف والتماسيح متواجدة في القطب الشمالي. كما أن كوكب الأرض قد شهد ما يعرف بالعصر الجليدي حيث تعرض الكوكب بأكمله للتجمد بسبب انخفاض درجة الحرارة. إن مناخ كوكب الأرض يتغير ويتبدل بدون أن يكون للإنسان أي دور أو سلطة في ذلك وبدون اعتبار الأضرار المترتبة على الوجود البشري ونشاطه فيه. ولكن إذا كانت تلك الحقائق العلمية مؤكدة ومعروفة سواء المؤيدين أو المعارضين لقضية التغير المناخي، فلماذا كل ذلك الجدل الذي يثيره السياسيون والمنظمات البيئية؟ وللإجابة على ذلك السؤال، هناك نقطة مهمة أرغب في أن أنوه إليها بداية وهي أن اختلاف الآراء بين العلماء والمختصين وحتى بين الأشخاص العاديين أمر بديهي وطبيعي ولكن أن يتحول الخلاف الى قضية للسياسيين الرأي الفصل فيها فذلك يسيء لمصداقية الحقائق العلمية وسمعة العلماء.
إن قضية التغير المناخي هي أمر واقع وحقيقي وجميع التحولات المناخية مثل هطول الثلوج في مناطق ذات طبيعة صحراوية، ارتفاع درجة الحرارة في المناطق الباردة وذوبان الجليد في القطب الشمالي هي دليل على ذلك. ولكن السؤال حول ما إذا كانت تلك التحولات عبارة عن دورات مناخية طبيعية أو نتيجة نشاط بشري على سطح الكوكب. هناك نشاط إعلامي مكثف من قبل مؤيدي التغير المناخي ومعارضيه، وذلك من خلال الكتب والمقالات والمؤتمرات والسينما، أفلام مثل 2012 تحذر من نهاية العالم كما نعرفه. المعارضون لمفهوم التغير المناخي يسخرون من تلك النظريات ويعتبرونها أنها لا تستند الى دليل علمي. المنظمات البيئية التي دخلت دائرة الجدل الإعلامي تحولت الى مجرد هياكل كرتونية لا تمارس أي دور فعلي سوى جمع التبرعات ودفع رواتب مرتفعة لكبار المسؤولين فيها بينما يتم الاعتماد في المراتب الدنيا لتلك المنظمات على متطوعين يعملون بدون مقابل يحلمون بأن يحفظوا كوكب الأرض للأجيال القادمة. المثير للدهشة أن بعض تلك المنظمات قد يتلقى تبرعات من شركات النفط والغاز أو من مؤسسات ولوبيات الضغط وشركات دعاية مرتبطة بها بينما يتم إعلاميا تصنيف تلك الشركات هدفا رئيسيا لتلك المنظمات لمساهمتها في تلويث البيئة.
إن التفاوت في درجات الحرارة في الماضي لطالما كان يسبب الإحراج لأنصار لمؤيدي وجهة النظر القائلة بأن التغير المناخي من صنع الإنسان. خلال الفترة الزمنية 950م-1250م, ساد مناخ حار منطقة شمال الأطلسي مترافقا مع أحداث مناخية في جميع أنحاء العالم خصوصا الصين ونيوزيلاندا تلتها فترة برود عرفت بالعصر الجليدي الصغير, أنصار التغير المناخي يتجاهلون تلك الفترة الزمنية ولا يذكرونها في معرض حديثهم عن إرتفاع درجات الحرارة وأن ذلك من صنع الإنسان. إن قضية الاحتباس الحراري وذوبان الجليد القطب المتجمد الشمالي
إن الناشطين البيئيين من نجوم المجتمع, الممثل الأمريكي  ليوناردو دي كابريو على سبيل المثال, يلقون الخطب الحماسية التي تدعو الى إنقاذ كوكب الأرض وذلك بفرض ضريبة الكربون(Carbon Tax) على الانبعاثات الكربونية ولكنهم في الوقت نفسه ما يزالون يمارسون أسلوب حياتهم الاستهلاكي الملوث للبيئة خصوصا قيادة مركباتهم ذات الإستهلاك المرتفع للوقود والإقامة في منازل متعددة الغرف. إن فرض ضريبة على الانبعاثات الكربونية يعني زيادة سعر الوقود. ولكننا لا نتحدث حصريا عن وقود المركبات بل حتى ذلك المستخدم للأغراض الصناعية وتوليد الكهرباء بما يعني إرتفاع أسعار كافة السلع والمواد الإستهلاكية والحبوب والخدمات, زيادة نسبة التضخم بما يؤدي الى تآكل الطبقة الوسطى وازدياد أعداد من يعيشون تحت خط الفقر. شخص مثل ليوناردو دي كابريو الذي يتمتع بدخل سنوي يقدر بملايين الدولارات ليست لديه أي مشكلة في ان يدفع سعر وقود سيارته الفاخرة 7 دولار/لتر وحتى أكثر من ذلك ولن يمتنع عن قيادتها ويركب حافلة نقل عام أو تكسي في سبيل الحفاظ على البيئة والحد من الانبعاثات الكربونية. إنه من السخرية أن تعقد مؤتمرات بيئية تكلف مئات الملايين من الدولارات ويدعى اليها مئات الأشخاص من كافة أنحاء العالم ليلقوا خطابات ويستحموا تحت أضواء الإعلام بينما هم في الحقيقة يساهمون في تلويث البيئة عبر وسائل نقل وسفر مثل الطائرات والسيارات التي تخلف ورائها بصمة كربونية مرتفعة
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment