Flag Counter

Flag Counter

Sunday, May 28, 2017

كيف يتم إستخدام النفط كأداة لتحقيق السيطرة الإجتماعية على الشعوب؟

الإرتفاع المفاجئ في أسعار النفط إثر الحظر النفطي سنة 1973 والذي وصل لمستوى 400% كان له هدفان, الأول وهو ثانوي يتلخص بدعم الدولار الأمريكي الذي فقد 40% من قيمته منذ التخلي عن إتفاقية بريتون-وودز سنة 1971. بينما الهدف الثاني وهو رئيسي ويتجاوز الولايات المتحدة ليؤثر على مستوى معيشة ورفاهية سكان العالم. يمكن تلخيص الهدف الرئيسي بربط إنخفاض أو إرتفاع مستوى معيشة السكان حول العالم بإمدادات الطاقة وتوفرها من عدمه.
براء الإختراع لتلك الفكرة, إستخدام النفط كسلاح إجتماعي ضد الشعوب, تمنح لماريون هوبرت المعروف بالملك(Marion King Hubbert) حيث تعود جذور تلك الفكرة التي تقدم بها لأهم الشخصيات المؤثرة في مراكز صنع القرار سنة 1938.
والسؤال ماهو الهدف من إستخدام النفط كسلاح إجتماعي أو وسيلة للسيطرة الإجتماعية على الشعوب؟
قد تبدو تلك الإشكالية بالنسبة للبعض مجرد كلام بدون معنى وانه لا مصلحة لمن يجنون الثمار الحقيقية للنمو الإقتصادي العالمي من التسبب بالخسارة لأنفسهم.
دعوني أقوم بتبسيط الأمر, قد يكون هناك تناقض في المصالح بين عالم السياسة وعالم الإفتصاد. لا نستطيع بإستمرار أن تفسر لناخبينا ومواطنينا لماذا على دافع الضرائب أن يتحمل تكلفة مخاطر معينة وليس أولئك الذي قاموا بجني الكثير من المال من وراء تلك المخاطر(أنجيلا ميركل-المستشارة الألمانية-قمة العشرين-باريس 2011).
من يتمعن في تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قمة الدول العشرين(G-20) والتي عقدت في فرنسا فسوف يستوعب أن من يجنون ثمار النمو الإقتصادي ليسوا هم من يدفعون الثمن في حال هبوط المؤشرات الإقتصادية فالتلاعب بتلك المؤشرات يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من السيطرة على الشعوب.
القضاء على فكرة الحلم الأمريكي أو الحلم بالرخاء والإزدهار الإقتصادي المستمر على المستوى العالمي هو الهدف من إستخدام النفط كسلاح إجتماعي. إشغال الشعوب بشكل عام وبطريقة مدروسة عن طريق كافة الوسائل الإعلامية بندرة الموارد وخصوصا النفط سوف تمكن فئة معينة من جني أرباح هائلة وتبقي الشعوب مشغولة ومقيدة فكريا وإجتماعيا وإقتصاديا تمتنع عن السؤال والتفكير فيمن يقف وراء التلاعب بالإقتصاد العالمي والذي أصبح مرتبطا من الناحية النظرية على الأقل بندرة أو توفر النفط كمصدر رئيسي للطاقة.
ماريون هوبرت نفسه لم يأتي بنظريته من فراغ بل إستفاد من كتابات رجل الكنيسة وخبير الإقتصاد السياسي الإنجليزي توماس مالتوس(Thomas Malthus) الذي وضع نظريته سنة 1779م بخصوص الكارثة القادمة وإنحدار مستوى المعيشة لدرجة الكفاف في حال تجاوزت الزيادة السكانية الحد الأعلى للإنتاج الزراعي القادر على توفير سبل البقاء والإستقرار لتلك الكتلة السكانية. ماريون هوبرت قام بإستبدال الإنتاج الزراعي بالنفط والزيادة السكانية بالنمو الإقتصادي(موارد متوفرة - إنخفاض أسعار الطاقة - نمو إقتصادي - زيادة سكانية - إرتفاع الإستهلاك  - ندرة الموارد - إرتفاع أسعار الطاقة - تقلص عدد السكان) بدلا من (زيادة الإنتاج الزراعي - زيادة الكتلة سكانية - زيادة الإستهلاك - تقلص الكتلة السكانية, تقلص الإستهلاك). شركات إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا دخلت في مرحلة لاحقة وإستفادت من تلك النظريات للترويج لمنتجاتها بصفتها تقدم الحل السحري لمواكبة النمو السكاني ولكن المشكلة أن الكثير من مساحات الأراضي التي من المفترض انها مخصصة لإنتاج الأغذية للإستهلاك البشري تحولت لإنتاج أغذية معدلة وراثيا لإطعام الماشية وإنتاج وقود الإيثانول وهو أحد أكبر المحاولات العبثية لإيجاد مصادر للطاقة البديلة حيث فصلت ذالك في موضوع بعنوان (هل سوف تقوم الولايات المتحدة بالتخلي عن الإيثانول-٨٥ سنة ٢٠١٤؟) لمن يريد الإستزادة والمزيد من المعلومات بخصوص إشكالية الإيثانول وصلاحيته كوقود بديل عن النفط.
ساحة المعركة بشكل رئيسي في البداية هي وسائل الإعلام حيث تهدف الحملات الإعلامية التي تتم في إطار تلك النظريات لترسيخ مفهوم المجتمعات المستدامة والتنمية المستدامة ثم يأتي دور الأدوات المالية كعقود المستقبليات والمشتقات وبيع وشراء الأسهم في البورصات المختلفة والتي هي عبارة عن عمليات تلاعب تهدف لإقناع العامة بمعلومات مضللة يتم نشرها في وسائل الإعلام المختلفة. مثال بسيط هو الإنخفاض الذي حصل في سعر برميل النفط في الفترة الأخيرة حيث يرى بعض المختصين أنه نتيجة تلاعب في عقود المستقبليات المتعلقة بالنفط(Futures) لأن إنخفاض السعر حصل بطريقة مفاجئة وبدون مقدمات ولم يكن بشكل تدريجي فالنمو الإقتصادي في الصين لم ينخفض 70% بين ليلة وضحاها أو أن الولايات المتحدة تحولت فجأة لدولة مكتفية ذاتيا من النفط بل وتستعد لدخول السوق كدولة مصدرة. الصين تستعد لأحد أكبر عمليات التحول الإقتصادي في التاريخ لرفع مستوى القوة الشرائية لمواطنيها والتخلي عن نموذج الدول التي تعد مصدرا للعمالة منخفضة الأجر والبضائع الرخيصة والولايات المتحدة تمكنت من زيادة إنتاجها من الغاز بفضل مايعرف بتقنية (Fracking) قتحولت الكثير من الأنشطة من إستهلاك النفط لإستهلاك الغاز.
الإنخفاض أو الإرتفاع المفاجئ في سعر النفط فيه الكثير من الدعاية الإعلامية وعمليات التلاعب بعقود المستقبليات والقليل من الحقيقة ولكن على أرض الواقع فهو قد تحول من أداة لتحقيق رفاهية وتقدم الشعوب إلى وسيلة للسيطرة عليها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment