Flag Counter

Flag Counter

Sunday, April 9, 2017

كيف يؤثر الإرتفاع في سعر النفط على حركة النقل والإقتصاد على المستوى العالمي؟

سفن الحاويات الضخمة تستخدم مايدعى (Bunker Fuel) وهو مايتبقى في قاع برميل النفط بعد تكريره. ومن باب العلم بالشيئ فإن تعبير برميل النفط ليس إلا تعبيرا مجازيا منذ زمن الإكتشافات الاولية للنفط حيث كان ينقل في براميل خشبية تتخذ شكلا محددا.
إستخدام الحاويات كوسيلة أساسية لنقل البضائع سوف يكون له تأثير على حركة التجارة العالمية حيث ان قطاع النقل قد أصبح أكثر حساسية لإرتفاع أسعار النفط مما كان عليه في السابق.
بشكل عام هناك نوعان من سفن الشحن يستخدمان في شحن البضائع وهما سفن الحاويات(Containers Ships) وسفن الشحن التجارية(Bulk ships). الفترة الحالية تشهد زيادة إستخدام سفن شحن الحاويات على حساب سفن الشحن التجارية حيث يمكن تفريغها أسرع من سفن الشحن التجارية كما أنها تمضي وقتا أطول في البحر منه في المرفأ. ولذالك السبب الأخير فإن سرعتها وإستهلاكها للوقود أكبر من سفن الشحن التجارية.
سفن الشحن التجارية تمضي حاليا 85% من وقت رحلتها في البحر مقارنة بنسبة 55% في السابق وهي نفس الفترة التي بدأت تشهد إرتفاع نسبة إستخدام سفن شحن الحاويات من 35% إلى 75%.
عند سعر 100 دولار للبرميل فإن تكلفة الوقود تشكل تقريبا 50% من تكلفة النقل كما ان هناك مايسمى(Bunker Adjustment Factor) حيث تضاف الزيادة في سعر الوقود مباشرة إلى كلفة النقل. مثال بسيط هو أنه في حال زيادة سعر برميل النفط من 30 دولار إلى 100 دولار فإن متوسط تكلفة بقاء سفينة الشحن في البحر ليوم واحد ترتفع من  دولار9500 إلى 32000 دولار.
الصادرات الصينية للولايات المتحدة تأثرت بشدة في الفترة التي سبقت الأزمة الإقتصادية 2007\2008 حيث إرتفعت تكلفة شحن الحاوية الواحدة التي بلغ طولها 40 قدم من 455 دولار إلى 1100 دولار.
وفي ظل الإرتفاع المتوقع لأسعار النفط فإن شركات التجزئة الكبرى مثل وول مارت والتي تروج لنفسها عبر أسعار بيع التجزئة المنخفضة سوف تضطر لزيادة أسعار بضائعها أو البحث عن مكان أخر لتوريد البضائع منه. مكان سوف يكون أقرب وأقل في كلفة النقل حيث سوف ينكمش عالم وول مارت وسوف تبدو الصين بعيدة جدا.
فلنعد بالذاكرة قليلا إلى سنة 1971 وخطاب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون والمتعلق برفع الغطاء الذهبي عن الدولار الأمريكي بشكل رسمي وفرض رسم حماية يبلغ 10% على كل الواردات للولايات المتحدة.
إرتفاع تكلفة النقل يمكن تشبيهه بتعرفة الحماية فحين كان سعر برميل النفط 20 دولار للبرميل سنة 2000 فإن ذالك مماثل لفرض تعرفة حماية بنسبة 3% تزيد بزيادة سعر البرميل. في حالة إرتفاع سعر البرميل إلى 100 دولار فإن ذالك مماثل لتعرفة حماية تبلغ 8%. وفي حال إرتفع سعر البرميل إلى 150 دولار فإن ذالك مماثل لتعرفة حماية 13%.
نوعية البضاعة التي يتم شحنها تلعب عاملا مهما في مدى زيادة تأثير التكلفة على إجمالي سعرها عند بيعها بالتجزئة. البضاعة التي تشكل قيمة أكبر مقارنة بالوزن لن تتأثر بشكل كبير بينما البضاعة التي تشكل قيمة أقل مقارنة بالوزن سوف تتأثر بشدة. سوف يكون هناك فرق بالطبع بين سفينة حاويات(مستوعبات) تحتوي على ألماس أو سبائك ذهبية وبين سفينة أخرى تحتوي على سماعات هاتف محمول. أغلب صادرات الصين للولايات المتحدة تقع ضمن الفئة الثانية حيث البضاعة تشكل قيمة أقل مقارنة بالوزن.
في سنة 2007 أثناء ذروة الإرتفاع في أسعار النفط فإن صناعة الحديد والفولاذ الصينية قد خسرت الكثير من المنافسة لصالح المنتجين في أمريكا الشمالية حيث تقل تكلفة النقل بنسبة كبيرة. إستيراد خامات الحديد من البرازيل أو من أستراليا ثم تصدير الحديد المصنع إلى الولايات المتحدة قد أضاف مايصل إلى 90 دولار للطن الواحد حيث إرتفع سعر الطن من 600 دولار إلى 660 دولار. هناك أيضا صناعة الأثاث والتي تعد منخفضة القيمة مقارنة بالوزن حيث تأخذ الكثير من المساحة في مستوعبات الشحن. وعلى الرغم من أنها تصنع في الصين فإن الأخشاب مستوردة من أمريكا الشمالية وذالك ادى إلى إغلاق مئات مصانع الأثاث في الولايات المتحدة وكندا.
عند سعر 30 دولار للبرميل فإن الولايات المتحدة تدفع 90% لشحن بضاعتها من الصين مقارنة بالمكسيك. عند سعر 100 دولار للبرميل فإنها سوف تدفع 150% لشحن بضاعتها من الصين مقارنة بالمكسيك. عند سعر 200 دولار للبرميل فإن الولايات المتحدة سوف تدفع 300% لشحن بضاعتها من الصين مقارنة بالمكسيك. عندما ترتفع أسعار النفط بشكل مبالغ فيه وتتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل فإن تكلفة النقل سوف تكون ذات تأثير واسع في حركة التجارة العالمية وعندها فإن التنافسية بناء على الأجور الرخيصة لن يكون لها تأثير كبير مقابل إرتفاع هائل في تكلفة النقل. بالنسبة للولايات المتحدة فإن المكسيك قد تبدو أكثر جاذبية من الصين في تلك الحالة وتحقق فائدة مزدوجة في التنمية الإقتصادية للمكسيك وجيرانها بما يساعد على وقف موجات الهجرة غير المشروع. وعلى الرغم من ذالك فإن شحن بطارية لتشغيل معدات التنقيب تحت الأرض وزنها 30 ألف رطل مثلا من المصنع في المكسيك إلى الولايات المتحدة, فإن تكلفة النقل سوف تبقى مرتفعة نوعا ما.
إرتفاع أسعار النقل سوف يؤدي كذالك إلى إرتفاع أسعار البضائع الأمريكية التي يتم تصديرها للصين من الولايات المتحدة ولكن بالنظر لحركة التجارة ونوعية التبادل التجاري فإن الصين قد تكون أكثر تضررا إلا في حالة رفع قدرة السوق الداخلية الصينية وهي سوق كبيرة وواعدة تتنافس أكبر الشركات الأجنبية للفوز بحصة فيها ولكن في ظل إرتفاع أسعار النفط فإن ذالك سوف يصبح أمرا مشكوكا فيه.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment