Flag Counter

Flag Counter

Sunday, April 30, 2017

كيف هددت النهضة النووية الأوروبية المصالح الإقتصادية لكبريات شركات التنقيب عن النفط؟

إن النهضة النووية التي شهدتها دول أوروبية كألمانيا وإيطاليا وفرنسا وتصدير تكنولوجيا الإستخدام السلمي للمفاعلات النووية تحول لنكسة لكبريات شركات النفط ودوائر صنع القرار ومعاهد التفكير والأبحاث المرتبطة بها فكان لابد من إيجاد حل قبل أن تخرج الأمور عن زمام السيطرة.
في سنة 1973 قام رجل النفط المعروف ديفيد روكفيلر بتأسيس مايسمى اللجنة الثلاثة(Trilateral Commission) وجعل أول مدير لها هو زبغنيو بريجينسكي والذي كان مستشارا للأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر(1977-1981) والذي كان هو نفسه عضوا في تلك اللجنة التي كانت تضم تقريبا 300 شخص من كبار مدراء الشركات والسياسيين ورجال الأعمال من النخبة يتم دعوتهم شخصيا إلى إجتماعاتها ينتمون إلى بلدان أوروبا الغربية, الولايات المتحدة ولأول مرة اليابان والهدف هو تنسيق السياسات. كما انه تم إستثناء الدول النامية من دعوة أشخاص يمثلونها لأن تلك الدول أصلا كانت هي ضحية السياسات التي يتم تنسيقها في إجتماعات اللجنة الثلاثية عن طريق التحكم في أسعار المواد الأولية التي تستوردها والتي كانت مقومة بالدولار الأمريكي.
اللجنة لم تكن تقتصر في عضويتها على الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بل كانت تضم عددا من أعضاء حكومته وعلى رأسهم نائب الرئيس والتر مونديل(Walter Mondale), وزير الخارجية سايرس فانس(Cyrus Vance), مستشار الأمن القومي زبغنيو بريجينسكي والذي كان أول مدير للجنة, المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة أندرو يونغ(Andrew Young), مساعد وزير الخارجية ريتشارد هولبروك(Richard Holbrooke), وزير الخزانة ويرنر بلومينثال(Werner Blumenthal), وزير الدفاع هارولد براون(Harold Brown) وعدد اخر من كبار موظفي الحكومة الأمريكية والطاقم الرئاسي.
اللجنة الثلاثة هي من قررت دعم ترشيح جيمي كارتر لسباق الرئاسة في الولايات المتحدة وتم إتخاذ ذالك القرار بينما كارتر في رحلة عمل لصالح اللجنة سنة 1976 في اليابان وكذالك هي من أوصت بتعيين زبغنيو بريجينسكي كمستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر الذي ذكر اللجنة الثلاثية وعضويته فيها في كتاب سيرته الذاتية ومدحها بأنها كانت فرصة له للتعرف على كبار رجال السياسة والإقتصاد من النخبة على المستوى العالمي.
أول أعمال الرئيس الأمريكي جيمي كارتر كانت إنشاء وزارة للطاقة سنة 1977 حيث كان هدفها الرئيسي المعلن تقليص إعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد من الخارج خصوصا من منطقة الشرق الأوسط ولكن على أرض الواقع فإنها لم تحقق ذالك الهدف.
أول وزير للطاقة كان جيمس رودني شليزنجر(James Rodney Schlesinger) والذي شغل عددا من المناصب الحكومية منها وزيرا للدفاع أثناء حرب 1973 وقبل ذالك عضوا في أحد مراكز الأبحاث والتفكير التي تتبع وزارة الدفاع الأمريكية ويدعى معهد راند(RAND) والذي يتخذ من مدينة سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا مقرا له.
الرئيس الأمريكي جيمي كارتر كان يتصرف بناء على أجندات نادي روما(The Club Of Rome) واللجنة الثلاثية فيما يتعلق بسياسة ترشيد إستهلاك الطاقة حتى أنه قام بتركيب ألوح تخزين الطاقة الشمسية على سطح البيت الأبيض الذي كان يتجول فيه في فصل الشتاء مرتديا ألبسة شتوية ثقيلة بينما أنظمة التدفئة مغلقة ترشيدا لإستهلاك الطاقة.
في خطابه للأمة الأمريكية (The state of the Nation Speech) سنة 1977 فإن جيمي كارتر قام بتشبيه أزمة الطاقة المفترضة التي تمر بها الولايات المتحدة بأنها معادل لحالة الحرب من الناحية الأخلاقية. الخطاب إحتوى عشرة نقاط تستهدف في مجملها تخفيض إعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد 50% بحلول سنة 1985. ولكن على أرض الواقع فإن إعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد قد تضاعف خلال العشرين سنة التي تلت فترة رئاسة جيمي كارتر بالإضافة إلى أنه أثار غضب العديد من الأمريكيين الذي يعشقون السيارات الكبيرة الحجم وذات الدفع الرباعي بأنه يجب عليهم دفع مبالغ مالية أكبر كسبب لإمتلاكهم تلك النوعية من السيارات. ملخص خطابه هو أنه على الأمريكيين أن يقوموا بالموازنة بين إستهلاكهم للطاقة ومصادر الطاقة التي تنضب بشكل متسارع, النفط في طريقه للنضوب.
الإتحاد السوفياتي كان أيضا هدفا للحروب النفطية التي كانت تتم تحت ستار الحرب الباردة حيث نشرت دراسة من قبل وزارة الطاقة التي إستحدثها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بأن الإتحاد السوفياتي سوف يصل لذروة الإنتاج النفطي سنة 1980 مما يعني إنحدارا حادا في السنة التي تليها لمستويات إنتاجه من النفط مما سوف يجعله منافسا رئيسيا للولايات المتحدة على نفط منطقة الشرق الأوسط وهو أمر لا يجب أن يتم السماح به تحت أي ظرف من الظروف. الإنتاج النفطي قبل وبعد تفكك الإتحاد السوفياتي لم ولن يصل لذروته لأنه ليس هناك ذروة نفطية فذالك المفهوم الذي أخرجه إلى حيز الوجود ماريون هوبرت المعروف بماريون الملك هوبرت هو مفهوم مغلوط ولا يستند إلى أي أساس علمي بإعتراف هوبرت نفسه في أحد مقابلاته الصحفية. كازاخستان التي كانت تشكل جزأ صغيرا من الإتحاد السوفياتي وبحلول سنة 2000 فإن المستويات التي وصل إليها إنتاجها من النفط جعلها في المركز الثاني بعد المملكة العربية السعودية كثاني أكبر منتج لخامة الذهب الأسود.
كل ذالك كان بفضل السياسة التي إتبعها رئيس الإتحاد السوفياتي ستالين حين قرأ الرسالة الغربية المتعلقة بالطاقة وفهمها بشكل واضح خصوصا مع تصاعد الصراع على هامش الحرب الباردة حيث أصدر أوامره للعلماء السوفيات بإجراء الأبحاث وإستخدام كافة الوسائل لإخراج سياسة طاقة مستقلة خاصة بالإتحاد السوفياتي إلى حيز الوجود لضمان إستقلال قراره السياسي وإبتعاده عن تأثيرات عمليات التلاعب بالإمدادات النفطية ومصادر الطاقة.
العلماء السوفيات كانوا يختلفون إختلافا جذريا عن نظرائهم الغربيين الذين كانوا مشغولين قدر الإمكان بمحاولة إخفاء أن العالم يعوم على كميات هائلة ولا متناهية من النفط بينما نظرائهم في الإتحاد السوفياتي بالبحث عن حقول النفط والغاز ومحاولة تطويرها قدر الإمكان.
إن الصراع الروسي\الأمريكي على أوكرانيا وخصوصا منطقة القرم التي ضمتها روسيا مؤخرا إليها بموافقة سكانها بعد إستفتاء شعبي تعود جذوره إلى حقول نفط وغاز ضخمة ومتجددة حيث أن العلماء السوفيات على علم بها منذ أيام ستالين ولذالك تعالت أصوات الإحتجاج حين قام نيكيتا خروتشوف بالتنازل عنها لأوركانيا بموجب مرسوم رئاسي حيث أنه هو نفسه من أصول أوكرانية.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment