الجيش العربي السوري وخلافا للكثير من التوقعات بتأجيل معركة إدلب, بدأ هجوما واسعا النطاق في إدلب وريف حماة والرقة دفعة واحدة وذلك بعد تكرر الخروقات لمناطق وقف التصعيد من قبل عصابات تنظيم القاعدة التي تقصف المدنيين الأمنين في مدن وقرى حماة وتعتدي على محطات توليد الكهرباء ومنشآت البنية التحتية بالصواريخ والقذائف العشوائية. محافظة إدلب تحولت الى بؤرة للإرهاب تحتوي على عشرات الآلاف من الإرهابيين ممن ينتمون الى مجموعة من التنظيمات التي توالي تنظيم القاعدة وتعتنق الفكر الوهابي التكفيري. كما أن الهجوم في الرقة يهدف الى بدء العمليات العسكرية من أجل إستعادة حقول النفط وتطهير الأراضي من ميليشات قسد التي توالي الولايات المتحدة ويشكِّلُ الأكراد غالبية المقاتلين. ميليشيات قسد تواجه غضبا عارما في المحافظة بعد مقتل عدد المدنيين بشكل متكرر في هجمات يتم تغطيتها جويا من سلاح الجو الأمريكي.
الإدارة الأمريكية من خلال صحيفة الواشنطن بوست والحكومة الفرنسية من خلال موقع وزارة الخارجية على تويتر أعلنتا عن قلقهما على مصير مسلحي تنظيم القاعدة في المحافظة الذين ينتمون لجنسيات أجنبية مختلفة. وزارة الخارجية الفرنسية لم تعبر عن قلقها حين قتلت تنظيمات مسلحة تتبع تنظيم القاعدة مئات المدنيين بدم بارد في ريف اللاذقية الشمالي ونشرت صور جرائمها على وسائل التواصل الإجتماعي بدون رادع ولا خوف من عقاب أو حساب. كما أن الإدارة الأمريكية لم تستنكر تلك الجرائم ولم تهدد بفرض عقوبات على مرتكبيها ولا على المسؤولين عن تمويل تلك العصابات الإجرامية كما تفعل مع دول تطلق عليها لقب "مارقة."
التاريخ يحكي قصص عن الجرائم التي ارتكبتها الدولتان ضد الإنسانية وضد شعوب دول احتلتها بقوة السلاح خدمة مصالحها وأجندتها السياسية. فرنسا ارتكبت جرائم يندى لها الجبين في الجزائر, تونس, المغرب وفي أفريقيا وفي سوريا ولبنان التي كانت مستعمرات فرنسية تحت مسمى إنتداب. قوات الإحتلال الفرنسية قصفت العاصمة السورية دمشق سنة 1945 بالطائرات والمدافع حيث قتلت وجرحت الآلاف من المدنيين الأبرياء. كما أنها قامت بإجراء تجارب نويية في صحراء الجزائر على أهداف بشرية حيَّة عبارة عن أشخاص تم إختطافهم وأسرى من المقاومين الجزائرين تم ربطهم بإعمدة وتعريضهم للإشعاع الناتج عن إنفجارات نووية ودراسة تأثير ذلك عليهم. قوات الاحتلال الفرنسية استخدمت سلاح الإغتصاب أثناء فترة احتلالها للجزائر حيث كانت النساء الجزائريات في القرى التي يقتحمها الجنود الفرنسيون يلوِّثن أنفسهم ببراز الماشية لمنع الجنود الفرنسيين من القيام بأفعالهم الخسيسة. وفي تونس والمغرب, قامت القوات الفرنسية بإعدام مدنيين بدم بارد ونهبت المحاصيل وكانت تستخدم سلاح الإغتصاب في محاولة لإذلال السكان المحليين.
الولايات المتحدة لها تاريخ دموي حافل بداية من الصين, كوبا, الفلبين, اليابان, كوريا, لاوس, كمبوديا وفيتنام ولا ننسى العراق حيث قتل مئات الآلاف من العراقيين وتم استخدام أسلحة محرمة دوليا ضد الشعب العراقي. القوات الأمريكية في الفلبين ولاحقا في فيتنام, قطعت رؤوس سكان محليين واعتدت على النساء وأعدمت مدنيين بدم بارد لمجرد معارضتهم الإحتلال الأمريكي لبلادهم. مواقع التواصل الإجتماعي التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها حيث تقع مكاتبها الرئيسية, لم تبخل من ناحية التغاضي عن جرائم التنظيمات الأصولية التي ترتكبها خصوصا في العراق وسوريا وتنشرها على الشبكة العنكبوتية من خلال مدونات مواقع شبكات التواصل الإجتماعي ومشاركة الفيديوهات مثل فيسبوك, تويتر ويوتيوب. الواشنطن بوست التي تدافع عن تنظيم القاعدة وبيئته الحاضنة في إدلب لم تقم بإدانة زعيم تنظيم جيش الإسلام زهران علوش حين إستخدم مواطنين سوريين تم إختطافهم من منطقة عدرا العمالية في دمشق دروعا بشرية وسجنهم في أقفاص ووزعهم على مواقع مختلفة لقواته في محاولة لمنع تقدم الجيش العربي السوري وتطهير تلك المناطق من الخارجين عن القانون.
إن كل مايحصل في سوريا عبارة عن لعبة قذرة تقوم عليها بشكل رئيسي دول الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا والتي لها تاريخ استعماري في المنطقة خصوصا بريطانيا وفرنسا. الدول الغربية لا تهتم لحقوق الإنسان ولا للحريات ولا للعدالة أو الديمقراطية بل تهتم بمصالحها خصوصا النفطية حيث تتصارع الدول الثلاثة للاستئثار النصيب الأكبر من كعكة النفط في سوريا. أول مبنى حكومي سيطرة عليه القوات الأمريكية عند دخولها العاصمة العراقية بغداد هو مبنى وزارة النفط وأكثر الأهداف التي إهتم بالسيطرة عليها تنظيم القاعدة هي حقول النفط في العراق وسوريا. تنظيمات داعش, جبهة النصرة وحتى الجيش الحر كانت تبيع النفط لمشترين خارجيين خصوصا في تركيا بعلم ومعرفة الإدارة الأمريكية التي لم تعترض مقاتلاتها صهريج نفط واحد تابع لتنظيمات داعش أو جبهة النصرة على الرغم من أنها كانت تسير في قوافل تعدُّ بالعشرات. حتى مواكب داعش المسلحة لم يقم سلاح الجو الأمريكي على إعتراضها بل سمح لها بالمرور بين سوريا والعراق بدون إزعاج. الطيران الأمريكي كان يقوم بقصف مواقع للجيش السوري في جبهة دير الزور والرقَّة حيث تقوم قوات تنظيم داعش بمهاجة تلك المواقع فورا ومحاولة السيطرة عليها وذلك بتنسيق بين الطرفين.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment