Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, May 22, 2019

بين الإسلام والمسيحية, خرافة العقل والسيف

لست مؤيدا للحوار بين الأديان ولست مؤمنا بفكرة المراكز والمؤسسات التي تقام لذلك الهدف وذلك ليس لأنني أكره الأخر أو أنه يكرهني, بل لأن تقريب وجهات النظر الأيدولوجية أمر مستحيل. إن الفكرة الأساسية التي بنيت عليها الأديان الرئيسية الثلاثة هي الهيمنة والسيطرة والأهم, العالمية, يعني الإنتشار التدريجي وصولا للعالم بأكمله. وذلك أمر لا يعيب الأديان فتلك سنة الحياة, والبقاء للأقوى, ولا علاقة لداروين ونظرية التطور بذلك بل هي سنة كونية وجدت منذ بدء الخليقة. وبسبب ذلك فإن الإسلام, المسيحية, اليهودية سوف تبقى في حالة صدام, لنقول أنه صراع الأديان وليس صراع الحضارات, الهدف النهائي هو القضاء على الأخر. ولو نظرنا في النصوص والأدبيات الدينية لوجدنا ما يؤيد وجهة النظر السابقة حيث أن الدين عند الله الإسلام لا يقبل غيره بينما في المسيحية, كل من يرفض سلطة المسيح يقتل كما في نص إنجيل لوقا(27:19). أما في اليهودية, يحق لليهود أن يستعبدوا كل شخص غير يهودي ويقرضون له بالربا حيث يطلق على غير اليهود كلمة "جوبيم."
الإسلام هو دين يعتبر خاتمة لما قبله, القرآن يعتبر النص الديني المقدس عند المسلمين, محفوظ من التحريف ومحمد عليه أفضل الصلاة والتسليم يعتبر خاتما للرسل. إن الدين عند الله هو الإسلام. ولذلك تعتبر النصوص الدينية الإسلامية مكمِّلة لما سبقها من نصوص دينية إسلامية نقية خالية من التحريف وليس النصوص التي بين أيدينا والتي يثار حولها علامات إستفهام متعدِّدَة. تلك النصوص مثل الزبور الذي نزل على سيدنا داوود, التوراة التي نزلت على سيدنا موسى والإنجيل الذي نزل على سيدنا عيسى عليهم السلام فقدت ونجد بقاياها أو أثار النصوص الأصلية بين صفحات الكتاب المقدس بجزئيه العهد القديم والجديد أو بين نصوص دينية أخرى حرمتها الكنائس المتعاقبة من صفة القدسية. ولكن في المسيحية, عيسى عليه السلام ليس خاتم الأنبياء. ففي نص يوحنا(16:14) يخبر يسوع المسيح تلاميذه بإنه سوف يرسل لهم معزيا آخر حيث يختلف المسلمون مع النصارى حول المقصود بذلك.
ولكن اليهودية مختلفة عن المسيحية من ناحية أن النصوص الدينية اليهودية متطورة تشريعيا حيث يحتوي سفر اللاويين على القوانين والتشريعات التي تنظم حياة اليهود بكافة تفاصيلها. ولذلك السبب, فقد قبلت جماعات المسيحيين الأوائل نصوص العهد القديم وتمسكت بها لانها تحتوي على نصوص تنظِّمُ حياتهم اليومية ومعاملاتهم بينما لا يحتوي العهد الجديد على نصوص تشريعية في حالة قتل النفس على سبيل المثال. ولكن ذلك يطرح تسائلات إن كان يسوع المسيح قد ترك لاتباعه نصوصا مكتوبة أم أن النصوص التي بين أيدينا قد منحت صفة القداسة في عملية تطورية عبر فترات زمنية متعاقبة وصولا الى زمننا هذا. كما أن اليهودية ليست ديانة تبشيرية والانضمام إليها له متطلبات معينة وتفاصيل غاية في التعقيد وليست بمثل سهولة القبول بالإسلام أو الإنضمام الى المسيحية.
والأمر الأهم المتعلق بالأديان والذي يدور النقاش حوله هو مسألة العنف وهل إنتشرت الأديان بالسيف وهو سؤال يتم توجيهه الى المسلمين عند أي نقاش أو حوار. والحقيقة أن  المسلمين يجيبون بلا وهي إجابة منافية للواقع والحقائق التاريخية. هناك أماكن لم ينتشر فيها الإسلام بالسيف خصوصا في أندونيسيا وهي أكبر بلد إسلامي من حيث تعداد السكان. كما أنه هناك مسلمون في اليابان وفي أستراليا حيث لم تطأ أرض تلك البلدان أي جيوش إسلامية على مر التاريخ. ولكن الله أمر المسلمين بنشر الدين الإسلامي ولذلك فقد سيَّر المسلمون الجيوش من أجل محاربة من يمنعهم عن ذلك. كما أن المسيحية انتشرت على أسنة سيوف الجيوش الرومانية وفي العهد القديم, أمر الرب اليهود بإبادة الشعوب المخالفة التي تؤمن بآلهة أخرى وحرق المدن وقتل الأطفال والنساء وحتى البهائم. حد الرِّدة موجود في النصوص الدينية اليهودية والمسيحية وليس مقتصرا على الدين الإسلامي. وقد منحت جيوش الخلافة الإسلامية خصومها ثلاثة خيارات هي: قبول الإسلام, دفع الجزية أو الحرب, فكانت أكثر رحمة من قوات الإمبراطورية الرومانية التي كانت تحتل أراضي المهزومين, تسوق رجالهم للخدمة في الجيوش الرومانية وأطفالهم للخدمة في القصور وتسبي النساء وتفرض الجزية للخزينة الرومانية. أو من قوات الإمبراطورية الفارسية أو دولة إسبارطة أو اليونان وغيرها من الدول التي لم تظهر أدنى حد من الرأفة مع أعدائها المهزومين.
المسلمين لم يكونوا قادرين على الحشد العددي حتى بدأ عهد الدول الأموية ومن ثم العباسية ودخول المزيد من الأمصار في الإسلام. ففي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وعهد الخلفاء الراشدين, كان التفوق العددي في جميع المعارك لصالح خصوم المسلمين وأعدائهم خصوصا في غزوة بدر, أحد, الخندق, معركة مؤتة, غزوة العسرة, معركة اليرموك وغيرها من المعارك ولذلك لا يصح الإتهام الموجه للمسلمين بأنهم كانوا يطلبون الغنائم ونعيم الدنيا, معركة مؤتة على سبيل المثال كانت إنتحارا عسكريا, ثلاثة آلاف جندي مسلم مقابل مائتي ألف روماني, حيث نجح المسلمون في الدفاع عن مواقعهم وتحقيق نصر مؤزر بمنع القوات الرومانية من غزو المدينة المنورة ومن ثم الانسحاب بأقل الخسائر بفضل عبقرية خالد إبن الوليد رضي الله عنه.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية


No comments:

Post a Comment