في البداية فإن إنتخاب الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية يخضع لنظام المجمع الإنتخابي حيث يحق لكل ولاية أمريكية عدد من المندوبين مساوي لعدد ممثليها في مجلسي الشيوخ والنواب. إن التعداد السكاني في كل ولاية أمريكية ليس له علاقة بعدد مندوبي تلك الولاية في المجمع الإنتخابي. مثال بسيط هو ولاية نيويورك والتي هي أصغر مساحة بكثير من ولايات مثل تكساس(32-34) مندوب وولاية كاليفورنيا(54-55) مندوب ورغم ذالك تمتلك عددا من المندوبين يبلغ (31-33) بما لا يتناسب مع عدد السكان أو حتى المساحة مقارنة بالولايتين السابقتين. وقد يفوز مرشح بعدد من الأصوات في المجمع الإنتخابي بما يؤهله ليشغل منصب الرئاسة في الولايات المتحدة بينما يكون خاسرا في التصويت الشعبي كما هو الحال في إنتخابات عام 2000 بين جورج بوش وألن غور حيث خسر ألن غور في ولاية فلوريدا بفارق بسيط ودارت شبهة تلاعب في الأصوات تحدث عنها المخرج الأمريكي مايكل مور في أحد أفلامه الوثائقية. كما دارت شبهة تلاعب في إنتخابات سنة 2004 في ولاية أوهايو حيث فاز جورج بوش الإبن بولاية رئاسية ثانية على المرشح الديمقراطي جون كيري. ولكن في إنتخابات سنة 2004 فقد إختار أحد مندوبي ولاية مينيسوتا التصويت للمرشح John Ewards والذي كان أحد مرشحي الحزب الديمقراطي في الإنتخابات الأولية التي تؤهل الفائز بها للفوز بتسمية الحزب الديمقراطي كمرشحه لإنتخابات الرئاسة.
ولو نظر أحدهم إلى خارطة الولايات المتحدة الأمريكية الإنتخابية سنة 2000 لوجد أن ألن غور قد فاز بفارق أصوات كبير على المرشح الجمهوري جورج بوش الإبن, أي أنه ربح التصويت الشعبي ولكنه خسر أصوات المجمع الإنتخابي حيث فاز جورج بوش الإبن بأغلب ولايات الساحل الشرقي والساحل الغربي المؤثرة خصوصا كاليفورنيا, فلوريدا وأوريغون.
وبمراجعة خارطة الإنتخابات الأمريكية منذ سنة 1996 نجد أن ولايات مثل تكساس تصوت تقليديا للجمهوريين بينما كاليفورنيا تصوت تقليديا للديمقراطيين وهناك ولايات متقلبة كتلك التي تقع في الوسط كولاية ميسوري وأركنساس.
في الإنتخابات القادمة في شهر نوفمبر\2016 فقد حصل أمر غير مألوف بترشح رجل الأعمال وقطب العقارات الأمريكي دونالد ترامب للفوز بتسمية الحزب الجمهوري كمرشح الحزب لإنتخابات الرئاسة حيث خاض معركة ترشيح شرسة للفوز بمقعد الحزب الجمهوري في الإنتخابات الرئاسية. كما أنه قام بتقديم أجندة عمل تعبر عن أمال وتطلعات عدد كبير من الأمريكيين خصوصا فيما يتعلق بنظام الرعاية الصحية, إتفاقيات التجارة الحرة, خلق الوظائف ومكافحة الفساد السياسي خصوصا مايعرف بالمال السياسي وأن الحكومة يجب أن تمثل مصالح الناخبين وليس أقطاب المال والأعمال.
المخرج الأمريكي المشهور مايكل مور ذكر خمسة أسباب تدفعه للتأكد من فوز ترامب بإنتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة:
(1) السبب الأول هو الضرر الذي لحق بولايات غرب الوسط من إتفاقيات التجارة الحرة كالجات والنافتا حيث أقفلت ألاف المعامل والمنشئات وقامت تلك الشركات بنقل أعمالها إلى دول مثل الصين والمكسيك. ولايات غرب الوسط الرئيسية تعد أربعة وهي ميتشيغن, أوهايو, بنسلفانيا وويسكونسن وتمتلك 68 صوتا في المجمع الإنتخابي. وفي أخر أربعة إنتخابات رئاسية أمريكية فإن تلك الولايات قامت بالتصويت على التوالي:
- إنتخابات سنة 1996 الولايات الأربعة صوتت لمصلحة المرشح الديمقراطي بيل كلينتون والذي فاز بإنتخابات الرئاسة.
- إنتخابات سنة 2000 فإن ألن غور قد خسر ولاية أوهايو لمصلحة جورج بوش الإبن الذي فاز بإنتخابات الرئاسة.
- إنتخابات سنة 2004 والتي أعيد إنتخاب جورج بوش الإبن لمنصب الرئاسة فقد فاز بولاية أوهايو بفارق تصويت بسيط وكانت هي الولاية التي رجحت كفته على منافسه جون كيري مما دفع البعض للزعم يتزوير التصويت حيث تم إرسال عدد كبير من المحامين ومراقبي الإنتخابات إليها إلا أنها لم تصل إلى أي نتيجة. الولايات الثلاثة الباقية صوتت لصالح الديمقراطيين.
- إنتخابات سنة 2008 و20012 إنتهت بالولايات الأربعة للتصويت لإنتخاب وإعادة إنتخاب الرئيس الحالي باراك أوباما.
تلك الولايات الأربعة منذ سنة 2010 فقد قامت على إنتخاب حكام جمهوريين بإستثناء ولاية اوهايو التي إنتخبت مؤخرا حاكما ينتمي للحزب الديمقراطي.
(2) السبب الثاني هو حالة التململ التي أصابت من يسميهم مايكل مور "الرجل الأبيض" الذي أصبح في موقف المدافع عن خسارة موقعه لصالح النساء والأمريكيين من أصل أفريقي حيث بعد 8 سنوات من حكم الرجل الأسود قد تأتي إمرأة لتحكم الولايات المتحدة ربما لثمانية سنوات قادمة أخرى. هناك حساسية مفرطة متعلقة بمن يظنون أن حقوقا زائدة قد منحت للنساء في الولايات المتحدة وأن الإنتخابات الرئاسية قد تحولت لمهزلة بداية من رجل أمريكي أفريقي ثم حكم إمرأة وربما يحكم البيت الأبيض رجل أو إمرأة من المتحولين جنسيا. تلك الفئة أحست بالخطر وسوف تدافع عن مواقعها بشراسة.
(3) السبب الثالث هو أن 70% من المؤهلين للتصويت لايثقون بهيلاري كلينتون ولا بمواقفها المتقلبة. فعلى سبيل المثال فهي مرة مع زواج المثليين ومرة أخرى ضده. كما أنه حتى المؤيدين لها متيقنين من أنها سوف تبدأ حربا جديدة وتورط الولايات المتحدة في نزاعات مسلحة.
وقد يستغرب البعض أن يعلموا أن نساء الولايات المتحدة هم من أشد منتقدي هيلاري كلينتون خصوصا من هنَّ في سن الشباب حيث يشكلون فئة كبيرة من المصوتين القلقين على مستقبلهم.
(4) المؤيدون للمرشح الديمقراطي في الإنتخابات التمهيدية بيرني ساندرز والذين أصابهم الإحباط بسبب خسارة مرشحهم الذي كان يتمتع بشعبية لا بأس بها في أوساط الديمقراطيين خصوصا الفئة العمرية الوسطية(30-35) عاما الذين لديهم ذكريات سيئة في عهد بوش الأبن وبيل كلينتون وكان لديهم أمل في حقبة جديدة مع مرشح جديد غير تقليدي. هؤلاء قد يمتنعون عن التصويت فهم محبطون من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وبالتأكيد لن يقوموا بالتصويت لدونالد ترامب.
(5) جيسي فينتورا هو حاكم ولاية مينيسوتا في الفترة (1999-2003) حيث تم إنتخابه ولم يكن يتمتع بأي مؤهلات أو خبرة سياسية فهو كان جندي مشاة بحرية ومصارع محترف سابقا. الحالة المزاجية للمواطنين الأمريكيين في تلك الولاية حيث وصولهم لمرحلة اللاعودة والإشمئزاز من نظام سياسي مفكك فكانت ردة فعلهم بإنتخاب فينتورا كنوع من السخرية من النظام السياسي القائم بشكل عام.
إن مزاعم دونالد ترامب بإحتمال تزوير الإنتخابات أصبحت أكثر من محتملة مع الفضائح الإعلامية المتعلقة بالإنتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي التي رجحت فوز باراك أوباما بمقعد الحزب للإنتخابات الرئاسية سنة 2008. فقد تم تزوير طلبات وبيانات وتواقيع مواطنين أمريكيين وثبت ذالك بالدليل القاطع في مقابلات مع الضحايا الذي ذكر بعضهم أنه لم يشارك في تلك الإنتخابات من الأساس.
إذا لم يفز دونالد ترامب في الإنتخابات الرئاسية المقررة في شهر نوفمبر فهو قد يخسر بفارق بسيط جدا سوف يجعل سيناريو إنتخابات سنة 2000 في فلوريدا ماثلا للعيان حيث كانت الولاية هي الكفة المرجحة التي مكنت جورج بوش الإبن من الفوز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بفارق بسيط لا يتعدى 600 صوت خصوصا أنه تم إستبعاد حوالي 20 ألفا من قوائم المصوتين بذرائع مختلفة أغلبهم من الأمريكيين الأفارقة واللاتينيين ممن كانوا سوف يصوتون لصالح المرشح الديمقراطي ألن غور.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط موضوع مايكل مور
http://michaelmoore.com/trumpwillwin/
النهاية
No comments:
Post a Comment