Flag Counter

Flag Counter

Monday, August 22, 2022

الثورة العربية الكبرى ٢

أعلن الشريف حسين بن علي الثورة على الاحتلال العثماني تاريخ ١٠/يونيو/١٩١٦م وذلك بإطلاق طلقة من بندقيته من على شرفة قصره في مدينة مكة حيث تم مهاجة الحامية التركية في المدينة والتي كانت تتمركز في قلعة أجياد. الثورة كانت عبارة عن تمرد عسكري ضد الإحتلال العثماني للدول العربية حيث كانت جمعية الإتحاد والترقي قد سيطرت على الحكم في الدولة العثمانية وقامت بعزل السلطان عبد الحميد الثاني سنة ١٩٠٩م وتنصيب شقيقه محمد الخامس سلطانا للدولة العثمانية ألعوبة في أيدي جمعية الإتحاد والترقي.

وقد لاحقت الشريف حسين بن علي منذ قيامه بالثورة على العثمانيين الاتهامات بالخيانة والعمالة للإنجليز ولكن الحقيقة على أرض الواقع لها وجهان وكل ينظر اليها من زاويته الخاصَّة. جمعية الإتحاد والترقي هي جمعية قومية تركية عثمانية طورانية عنصرية مبادئها تتلخص في تمجيد العنصر التركي واحتقار العنصر العربي. إن تأسيس تلك الجمعية كان نتيجة تصاعد المشاعر القومية في الإمبراطورية العثمانية فقد ظهرت بداية الاضطرابات في البلقان حيث تم تأسيس عدد من الجمعيات المماثلة في صربيا, بلغاريا, ألبانيا, الجبل الأسود و دول أخرى في المنطقة التي كانت تغلي من القلاقل والفتن.

وفي سبيل محاولة البحث عن الرواية التاريخية الأقرب الى الحقيقة, لابدَّ من جردة حساب تاريخية تشمل ٤٠٠ سنة من التواجد العثماني في الدول العربية. في البداية فإن أصول العثمانيين ترجع الى قبيلة قايي والتي هي إحدى القبائل التركية التي تمغَّلت, اختلطت مع المغول, وإنضم إليها أخلاط من الأرمن والبيزنطيين الهاربين من الضرائب المرتفعة المفروضة عليهم وعدد من الشعوب والقبائل التي كانت تسكن المنطقة. قبيلة قايي كانت قبيلة محاربين من البدو الرحل وقد إنعكس ذلك على العثمانيين الذي لم تكن لهم أي إسهامات في الحضارة البشرية. إن تواجد العثمانيين أربعة قرون في المنطقة العربية لم يؤدي الى أي نهضة حقيقية مثل بناء المدارس, المستشفيات وقوات عسكرية قادرة على الدفاع عن حدود الدولة العثمانية من أطماع الدول الغربية.

تونس, الجزائر, المغرب وليبيا كانت من  أوائل الدول العربية التي خرجت عن سيطرة الدولة العثمانية حيث احتلتها القوات الفرنسية, الإسبانية والإيطالية ونجحت في هزيمة القوات العثمانية وبدأت المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي التي قادها أبناء البلد على رأسهم, عبد القادر الجزائري, محمد الخطابي وعمر المختار بدون أي مساهمة أو دعم من الدولة العثمانية. وقد كان سقوط ليبيا هو الشرارة التي أشعلت الاضطرابات في منطقة البلقان لأنه كان أول هزيمة عسكرية مباشرة للدولة العثمانية من قوى غربية كانت تعتبر ضعيفة مقارنة مع دول مثل بريطانيا وفرنسا. 

إن سيطرة جمعية الإتحاد والترقي على الحكم في الدولة العثمانية وتعيين وعزل السلاطين العثمانيين قد أدى إلى ظهور الإضطرابات في المنطقة العربية بسبب سياسات تلك الجمعية خصوصا سياسة التجنيد الإجبارية(السفربرلك) وحروبهم العبثية وإنتشار المجاعة والأمراض والأوبئة بسبب مصادرة المحاصيل وإرسالها الى قوات الجيش في الجبهات المختلفة وتردي الحالة الاقتصادية وازدياد نسبة العاطلين عن العمل. وزاد جمال باشا الملقَّب (السفاح) الطين بِلَّة حين أعدم وبدسيسة فرنسية/أمريكية مشتركة خيرة الشباب العرب على دفعات(١٩١٥-١٩١٧) في بيروت في ساحة عالية, وفي سوريا في ساحة المرجة.

إنَّ إعلان الشريف حسين بن علي الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك لم يكن خيانة للإسلام كما تحاول وسائل الإعلام التركية ومن يواليها من وسائل إعلام تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي. دولة الخلافة المزعومة كانت ساقطة منذ سنة ١٩٠٩م حين عزلت جمعية الإتحاد والترقي السلطان عبد الحميد الثاني وتلاعبت بالسلاطين العثمانيين الذين كانوا مجرد ديكور تمارس من خلاله الجمعية الحكم. الشريف حسين بن علي كان يرغب في تأسيس إمبراطورية عربية في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تعمل على تفكيك الدول القائمة والتي من مصلحتها عدم قيام قوى أخرى تنافسها في المنطقة أو تشكِّلُ تهديدا للطريق البحري الى الهند, درة التاج البريطاني.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment