Flag Counter

Flag Counter

Sunday, January 22, 2017

حروب المستقبل والأزمات الإقتصادية


حروب المستقبل سوف يكون ميدانها في كل مكان ولن تكون محصورة في بقعة جغرافية معينة حيث من الممكن شن حرب إقتصادية من غرفة كمبيوتر أو من خلال أوامر بيع وشراء في البورصة وتحقيق نتائج مدمرة تزيد في تأثيراتها عن الحروب التقليدية. دوائر صنع القرار الغربية بدأت مؤخرا بالإهتمام بتلك النوعية من الحروب وهناك أقسام في دوائرها الأمنية متخصصة في دراسة الحروب الإقتصادية والأدوات الممكن إستخدامها وتأثير ذالك على أمنها القومي.
إجمالي ماتمتلكه الصين من السندات الأجنبية هو 3 تريليون دولار نصفها من سندات وزارة الخزينة الأمريكية وأي تخفيض في قيمة الدولار الأمريكي يعني خسارة الصين مبلغا لايستهان به من ثروتها الوطنية المتراكمة مما يعني تخفيضات محتملة في قيمة الدولار الأمريكي. الولايات المتحدة تتهم الصين من ناحيتها بشن حرب إقتصادية خفية عبر إجراء تعديلات في فيمة اليوان الصيني لإعطاء الصادرات الصينية خصوصا للولايات المتحدة الأفضلية ولكن الفرق الطبيعي في الأجور بين الصين والولايات المتحدة يبطل ذالك الإتهام. عامل الأثاث في الولايات المتحدة لن يقبل براتب شهري 300-500 دولار وهو يعد مبلغا لا يستهان به في الصين.
سنة 1997 شهدت بداية أحد فصول الحرب الإقتصادية والذي كان من أدواتها مايسمى المال الساخن(Hot Money) والذي تدفق إلى الدول الأسيوية التي كانت تشهد نموا متسارعا سعيا وراء عائدات أعلى نظرا لإنخفضاض نسبة الفائدة في بلدانها الأصلية. وفي لحظة معينة تم سحب تلك الأموال مما خلق أزمة إقتصادية بسبب هبوط قيمة عملات دول أسيوية عديدة وأدى قيام البعض وعلى رأسهم الملياردير الأمريكي المعروف جورج سوروس بالمضاربة عليها إلى إزدياد الأزمة سوأ.
الصين التي لم تتأثر بشكل كبير مماعرف بأزمة النمور الأسيوية راقبت الوضع عن كثب خصوصا كيف أن بعض البنوك وصناديق التحوط بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي تستطيع التسبب بكوارث وازمات إقتصادية لبلد ما أو لمجموعة بلدان.  فمنذ سنة 1999 والصين تمتلك إستراتيجية واضحة للحروب الإقتصادية القادمة وهي التي وضعتها ردا على أزمة النمور الأسيوية سنة 1997 بينما في دول أخرى كالولايات المتحدة على وجه الخصوص فإن تلك الإستراتيجية لم تتضح معالمها حتى سنة 2009 إثر أزمة وول ستريت 2007\2008  والتي بدأت بأزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة ولم تترك بلدا إلا وأثرت فيه مع إختلاف درجة التأثير.
الحروب الإقتصادية لها جانب هجومي وأخر دفاعي. الجانب الهجومي قد يتضمن هجمات خبيثة بإستخدام أوامر بيع أو شراء الهدف منها إحداث إضطراب إقتصادي وإنهيار في قيمة الثروة وسرقتها في كثير من الأحيان. وأما الجانب الدفاعي فيتضمن الرصد المبكر لتلك الهجمات وإعتراضها أو إغلاق الأسواق المالية لفترة معينة بهدف دراسة تلك الهجمات وإيجاد طريقة لوقفها. الأزمة الإقتصادية 2007\2009 لم تكن من ضمن مفهوم الحروب الإقتصادية ولكنها أعطت فكرة واضحة عن نقاط الضعف في النظام المالي الدولي التي يمكن إستغلالها مستقبلا لشن هجمات خبيثة. تلك الأزمة تسببت في تدمير ماقيمته 60 تريليون دولار من الثروات منذ بداية سنة 2007 حتى سنة 2009.
صناديق التحوط تعتبر أحد أهم أدوات الحروب الإقتصادية حيث من الممكن لصندوق التحوط إكتساب ثقة الأسواق المالية والإقتصادية في أحد البلدان حيث يتم منحه خطا إئتمانيا أكبر مع مرور الوقت كما أنه يقيم علاقات واسعة مبنية على حجم الأعمال والصفقات التي يقوم بها وذالك مع بنوك ومؤسسات مالية ومكاتب مضاربة ممايتيح له مجالا واسعا لجميع معلومات عن طبيعة النشاطات الإقتصادية في ذالك البلد لا تكون متاحة للأشخاص العاديين. المشكلة قد تبدأ بأوامر بيع قد تبدو بريئة لأسهم شركات مشهورة مثل أبل وجوجل وسرعان ماتتدحرج كرة الثلج ويؤدي ذالك إلى هبوط أسعار أسهم تلك الشركات لتجر معها أسهم شركات أخرى قد يكون بعضها ليس له علاقة بشركات التكنولوجيا وتتحول المشكلة من ندفة إلى كرة ثلج متدحرجة تجرف في طريقها كل شيئ بفضل القنوات التلفزيونية الإقتصادية المتخصصة ومواقع التواصل الإجتماعي التي تساهم بنشر الأخبار. إن ذالك يعني إنتشار حالة من الذعر والتدافع من قبل الجميع للبيع والتخلص ممافي حوزتهم فتزيد المشكلة تعقيدا.
ولكن ماهي علاقة أوامر بيع لأسهم شركات مثل جوجل وأبل بحالة ذعر إقتصادية عامة؟
للجواب على ذالك علينا أن نعلم عن طبيعة الأزمة الإقتصادية سنة 1929 والتي بدات بعجز المزارعين عن سداد قروضهم الزراعية وإعلان إفلاس البنوك الزراعية الصغيرة ثم المتوسطة وصولا لإنهيار إقتصادي شامل, ندفة ثلجية تحول إلى كرة ثلج عملاقة تسبب بإنهيار ثلجي.
الإعلام يساهم كما ذكرت سابقا في حالة الذعر عبر نسر الإشاعات والأخبار الكاذبة والتلفيق. أخبار لها علاقة بإنهيار بنوك معينة أو إستقالة مدراء صناديق تحوط مشهورة أو وفاة أحدهم هي من نوعية تلك الأخبار والإشاعات.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment