العرب ومنذ حروب داحس والغبراء لم تتغير طريقة تفكيرهم حيث مازال حروب القبائل والعشائر وعادة الثأر مستمرة الى يومنا هذا. فإذا أضفنا الى ذلك مشكلة الطائفية فإننا المنطقة أمام براميل بارود وليس برميل واحد تنتظر من يشعل صاعق التفجير في أي لحظة. هناك أمم تصعد و أخرى تهبط الى أسفل سافلين وتلك نواميس الحياة وفلسفة التاريخ. العرب كانوا أمة عظيمة والشواهد على ذلك أكثر من أن تعد وتحصى ولكن في الوقت نفسه كانت أوروبا تعيش العصور المظلمة. وعندما بدأت أوروبا في النهوض, كان ذلك على حساب العرب ونهضتهم.
إن نقطة التحول التاريخية كانت في حركة الكشوفات الجغرافية وإكتشاف طريق تجاري بحري بديل من خلال رأس الرجاء الصالح وبدأ العرب في فقدان أحد أهم مصادر قوتهم. ولكن دول أوروبا لم تتساوى في الإستفادة من تلك الفرصة الثمينة. إسبانيا والبرتغال على سبيل المثال حصلوا على ثروات هائلة من الذهب والفضة من مستعمراتهم خصوصا أمريكا الوسطى واللاتينية ولكنهم فشلوا على عكس بريطانيا في الإستفادة منها في تحقيق أي تنمية أو نهضة حقيقية. النهضة (الثورة) الصناعية بدأت في بريطانيا بعد أن أدراك البريطانيين قواعد اللعبة وأن السيطرة على الممرات البحرية والمحيطات سوف يجعل منهم إمبراطورية وذلك ماكان. بريطانيا عملت على تأسيس قوة بحرية أصبحت المسيطر بلا منازع على المحيطات والبحار والممرات البحرية المهمة.
ولكن حتى في أوروبا صعدت إسبانيا وفرنسا ثم سقطوا وصعدت بريطانيا التي أصبحت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس تحكم ربع مساحة الكرة الأرضية و ربع عدد سكان العالم رغم محدودية المساحة الجغرافية والتعداد السكاني. البريطانيون درسوا منذ تاريخ مبكر وقبل التحرك الى أي بقعة جغرافية يرغبون في السيطرة عليها تاريخ تلك المنطقة, عاداتها وتقاليدها ونسيجها الإجتماعي وأرسلوا الجواسيس تحت مسمى رحالة ومستكشفين و بعثات تبشيرية.
هناك مستشرقين بريطانيين منذ القرن الثامن عشر عملوا على دراسة كل جانب من جوانب حياة العرب وكتابة تفاصيل غاية في الدقة عن ذلك. دولة الكيان الصهيوني(إسرائيل) كانت أحد نتائج تلك الدراسات وهي عبارة عن مشروع استعماري استيطاني له أبعاد اقتصادية وذلك مما لا يدركه الكثيرون. ضابط الإستخبارات البحرية الكندي وليام غاي كار في كتاب "أحجار على رقعة الشطرنج" تحدث عن دراسات قام بها الجيولوجي الكندي كريغ كانينغهام بتكليف من الحكومة البريطانية خلال الفترة التي سبقت ١٩١٨ أنه هناك ثروات طبيعية في فلسطين تقدر قيمتها ٥ تريليون دولار وتم تأكيد ذلك في دراسة أخرى سنة ١٩٣٩ وتوفي الخبير الكندي بعد ذلك في ظروف وصفت بأنها غامضة.
إن مشاكل العرب وخلافاتهم تبدأ من القبلية, العنصرية والطائفية ولا تنتهي بالخلاف حول مباريات برشلونة وريال مدريد حين كان اللاعبان البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي يلعبون في صفوف الفريقين. دوريات كرة القدم في الدول العربية مناسبات ظهور جميع انواع الخلافات وتحولها في كثير من الأحيان من رياضية الى سياسية وأزمات دبلوماسية. الغرب يعلم تلك الخلافات ويعمل على استغلالها وفق المبدأ البريطاني "فرق تسد" ولا يمكن من العرب التخلي عن عاداتهم المتوارثة منذ مئات السنين بدون تغيير حقيقي في طريقة تفكيرهم. اليابان أمة دمرتها الحرب العالمية الثانية ودمرت نهضتها وضربت مدنها بالقنابل الذرية وحرق طيران الحلفاء العاصمة طوكيو ولكن اليابان تمكنت من تحقيق نهضة حقيقية وأصبحت قوة اقتصادية لا يستهان بها. ألمانيا عانت من آثار الحرب العالمية الثانية ومدن التي تحول بعضها مثل مدينة درسدن الى ركام ولكنها تعتبر حاليا قلب أوروبا النابض وقوة اقتصادية وعسكرية لا يستهان بها. إذا فإن التغيير عملية صعبة وتأخذ وقتها ولكنها ليست مستحيلة وكما حققت اليابان وألمانيا النهضة بعد الحروب والدمار فإن دول منطقة الشرق الأوسط يمكنها تحقيق ذلك ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.
دمتم بخير
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment