Flag Counter

Flag Counter

Monday, October 23, 2017

النرويج تحتل المرتبة الأولى على مؤشر سعادة الشعوب ولا عزاء للنيوليبرالية

لن يستطيع أنصار المذهب الإقتصادي النيوليبرالي أن يقدموا أي تفسير لظهور أسماء دول كالدانيمرك, فنلندا والسويد في مراتب متقدمة كأسعد شعوب في العالم. في سنة 2017, إحتلت النرويج المركز الأول كأسعد شعب في العالم تلتها الدانيمرك التي خسرت المركز الأول الذي شغلته في السنة السابقة. إن تلك الدول تتعرض لهجوم مستمر من أنصار المذهب الإقتصادي الرأسمالي النيوليبرالي خصوصا مدرسة شيكاغو الإقتصادية ورمزها الأبرز ميلتون فريدمان. إن الذرائع التي يبررون بها إنتقاداتهم هي أنها تمثل نموذجا لما يطلق عليه دول الرفاه الإجتماعي والتي تتعارض مع مفاهيم العولمة وتحرير التجارة والأهم الخصخصة والتي تعد من مبادئ الرأسمالية المقدسة التي لا تقبل المساس بها. إن أنصار المبادئ الإقتصادية النيوليبرالية غير مؤهلين للإجابة على ذالك السؤال أو غيره بل هم يكررون ويرددون ما تعلموه وقرئوا عنه في كتب الإقتصاد التي تدرس لهم والممتلئة بالمعلومات المغلوطة. إن المبادئ الإقتصادية النيوليبرالية تهدف في الحقيقة لإفقار الشعوب والقضاء على الطبقة المتوسطة لصالح طبقة النخبة المؤلفة من تحالف كبار رجال الأعمال والشركات المتعددة الجنسيات ومصارف وول ستريت. كما أن تلك المبادئ تختفي وراء مليارات الدولارات التي تصرف على الدعاية والإعلان وتأليف الكتب المدرسية والجامعية في محاولة بإقناع الشعوب بحقيقة تلك المبادئ المزيفة وأوهام الحلم الأمريكي والثقافة الإستهلاكية التي غزت المنازل من خلال شاشات التلفاز وأفلام السينما والمسرح والصحف وأي وسيلة إعلامية ممكنة للتصريح بتلك المبادئ والدعاية لها.
إن الأزمات المالية الإقتصادية بداية من أزمة زهرة التوليب في القرن السابع عشر في هولندا قد أثبتت أن النظام الرأسمالي قد فشل فشلا ذريعا في تلبية الحاجات الإنسانية الأساسية للبشرية وأن طبقة المستفيدين قد إنحصرت بفئة قليلة إمتلكت الرأسمال ووسائل الإنتاج وإشترت قوة العمل من الطبقات العاملة مقابل حد الكفاف بما يسد رمقهم. كما أن تلاميذ المذهب النيوليبرالي غير مؤهلين لتقديم أي تفسير يتعارض مع ثالوثهم المقدس: "اليد الخفية, Invisible Hand", "الحرية الإقتصادية-laissez faire" و "العرض والطلب-Supply and Demand". في الحقيقة, فإن اغلب هؤلاء الأشخاص لم يقرئوا كتابات أدم سميث والذي يعتبر الأب الروحي للرأسمالية الغربية خصوصا كتاب "ثروة الأمم" وهو أشهر كتبه على الإطلاق. فقد ذكر المفكر نعومي تشومسكي في إحدى مقابلاته أن أدم سميث يتم تمجيده بدون قرائة كتبه "Worshiped but not read," وأن أدم سميث ذكر فيما يتعلق بتقسيم العمل أنه يخلق عمالا أغبياء حيث يفقد العامل القدرة على التفكير وحل المعضلات التي تواجهه بسبب تخصيص العمل وتقسيمه كما أن أدم سميث ذكر بأن الرأسمالية هي عبارة عن تفاعل ألاف الشركات والمؤسسات والأفراد فيما يعرف بالسوق(Market) ولكن ذالك يتنافى بشكل لا يقبل التفسير مع الشركات العابرة للقارات والإحتكارات العملاقة. حتى أن الحكومات التي تصف نفسها بأنها تتبع النهج الرأسمالي في الظاهر بينما في الوقت نفسه تناقض نفسها بإنقاذ البنوك وشركات الرهون العقارية كما حصل سنة 2008 ليس حصريا في الولايات المتحدة بل في دول متعددة حول العالم.
إن مصطلح "اليد الخفية, Invisible Hand" قد تم إستخدامه من قبل أدم سميث لمرة واحدة في كتابه وليس ثلاثة مرات كما نقرأ في مواقع على الشبكة العنكبوتية كالويكيبيديا. ومن الممكن تلخيص ذالك المصطلح كالتالي: أي قرار يأخذه الفرد حتى لو كان بداقع شخصي واناني فسوف يؤدي في النهاية إلى خير ومصلحة المجتمع ككل. مفهوم "الحرية الإقتصادية-laissez faire" يعني الحد الأدنى من التدخل الحكومي في أعمال القطاع الخاص والتي تتلخص بعدم تشريع القوانين التي تحد ليس فقط من حركة رأس المال بل والعمال, حماية حقوق الملكية وتوفير الحد الأدنى من الخدمات كالإسعاف والإطفاء والأمن وتلك النقطة الأخيرة مهمة حيث أن الرأسمالية تركز على حقوق الملكية الخاصة(Private Property) والتي تزدهر الأعمال من خلالها وترتبط بمستوى الأمن الذي تتمتع به أي بلد. إن كثيرا من الإقتصاديين ومنهم جون مينارد كينز قد إنتقدوا نظرية "العرض والطلب-Supply and Demand" حيث أن العرض لا يمكنه من إيجاد طلب مقابل له بما سوف يؤدي للكساد. كما نذكر أحد أهم النقاط الجدلية والتي أحتار شخصيا في تفسير أسبابها وهي وجهة النظرية الكينزية فيما يتعلق بأن الأجور والأسعار غير مرنة بإتجاه الإنخفاض. ولعل السبب الذي دفعني للحيرة هو أن جون مينارد كينز كان يعارض تخفيض الأجور كحل لمشكلة البطالة لأن ذالك سوف يؤدي إلى إنخفاض الطلب وبالتالي للمزيد من الكساد وأن الحل بتدخل حكومي لتحفيز الطلب الكلي(Aggregated Demand) عبر زيادة الإنفاق الحكومي في مشاريع البنى التحتية والإعتماد على مايسمى العامل المضاعف(Multiplier Factor), فإذا كان يعارض تخفيض الأجور فما هو سبب إهتمام النظرية الكينزية بأن مستوى الأجور غير مرن بإتجاه التخفيض عند بروز الحاجة لذالك.
فشلت النيوليبرالية في كل الدول التي تم تطبيقها بها حتى في الولايات المتحدة وحادت الرأسمالية وإنحرفت عن مبادئ الأب المؤسس أدم سميث بما أدى إلى ظهور إختلالات إقتصادية بنيوية كظاهرة الفقاعات التي تحولت لأزمات إقتصادية كبرى. وهنا وحتى لا يصاب القرائ بالحيرة فإنني اود التنويه أن الرأسمالية موجودة قبل أدم سميث وقبل كتابة "ثروة الأمم" حيث أن أدم سميث قام بوضع المبادئ والنظم التي برأيه تحدد معالم النظام الرأسمالي ولكن ذالك لا يعني أن الرأسمالية لم تكن موجودة في الفترة التي سبقت أدم سميث بل كانت حاضرة وبقوة ولكن في إطار عام لم يتم تحديد ملامحه وهويته. كما أن ظاهرة الفقاعات المالية والإقتصادية والتي هي ملازمة للرأسمالية الغربية أو النيوليبرالية والتي أود التنويه أنها كانت متواجدة قبل ظهور مدرسة شيكاغو الإقتصادية, ولكنها تضخمت وإمتد تأثيرها بعد ان كان محدودا ومحليا إلى مستويات غير مسبوقة أصبحت تهدد الإقتصاد العالمي بالإنهيار الكامل. وبالعودة إلى أزمة زهرة التيولب في هولندا خلال القرن السابع عشر والتي كانت أزمة محلية محصورة في بلد هو هولندا ولكن مع تطور حركة التجارة وظهور أسواق الأسهم والسندات وتطور الأدوات المالية فقد كانت أزمة وول ستريت 1929-1933 أو مايعرف بأزمة الكساد العظيم أول أزمة إقتصادية على مستوى عالمي وأزمة سنة 2007\2008 أمثلة على الأزمات المالية مع إختلاف مستواها وأسبابها حيث أصابت الأولى الإقتصاد العالمي بالشلل وكادت الثانية تقضي عليه. خلال أزمة 1929-1933, فقد تدخل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بحزمة قوانين حكومية لتهدئة الأوضاع وإعادة الثقة للنظام المالي الأمريكي وبالتالي العالمي. أما بالنسبة لأزمة 2007\2008 فلم ينقذ الإقتصاد الأمريكي والعالمي إلا حزم إنقاذ مالية وتدخلات حكومية منسقة على مستوى العالم حيث بلغت في أمريكا وحدها مايزيد عن 800 مليار دولار.
إن مستوى الخسائر المالية خلال الأزمات الإقتصادية يمثل أرقاما قد تصيب الأشخاص العاديين ليس بالحيرة بل بالفزع ولكنني حتى لا أطيل وأترك مساحة للموضوع القادم فإنني سوف أختم موضوعي بنقطة مهمة وهي ماقد يسأله أي شخص عادي عن ماهية التصرف وكيف يتجنب الأزمة الإقتصادية أو كيف يحمي مدخراته أو يحمي نفسه وأسرته. وجوابي بسيط وهو يتمثل في نشر الوعي وتبادل الأفكار المتعلقة بالإقتصاد على المستوى الشخصي وعلى مستوى الأسرة كبداية جيدة ومن ثم في المحيط الإجتماعي بتعزيز ثقافة التكافل والتعاون والتخلي عن الأنانية والجشع وحب الإمتلاك وثقافة الإستهلاك وزيادة ساعات القرائة والإطلاع خصوصا في المجال الإقتصادي. كما على كل شخص ورب أسرة أن يدرس خياراته في إطار وضعه الإقتصادي وتحديد الخطوة الواجب إتخاذها والتي قد تكون الإدخار بشراء الذهب حتى لو بكميات صغيرة في البداية أو شراء قطعة أرض زراعية او عقار يدر له دخلا جيدا والإبتعاد عن أسواق الأسهم والسندات أو مايعرف بالبورصة خصوصا في مثل هذه الأيام حيث تلوح في الأفق نذر ازمة إقتصادية قادمة سوف تكون على مستوى أكبر من سابقاتها وسوف تشكل حدثا مفصليا على المستوى العالمي.

النهاية

No comments:

Post a Comment