حرب الخليج الثانية(١٩٩٠-١٩٩١) تعتبر صفحة سوداء في تاريخ العلاقات العربية-العربية وفتح بوابة الشر التي دخلت منها الولايات المتحدة الى منطقة الشرق الأوسط. الرئيس المصري أنور السادات والعراقي صدام حسين هم أكثر رئيسين عربيين كانا السبب في إلحاق الأضرار بالقضية الفلسطينية والقضايا العربية على العموم. الكويت كانت ربما أكثر دولة عربية قدَّمت التضحيات في صالح القضية الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام. التضحيات كانت مالية والشباب الكويتي الذي ناضل في سبيل القضية الفلسطينية وأكثر من ربع مليون فلسطيني يعيشون ويعملون في الكويت مما أدى الى صداع للولايات المتحدة ودولة الكيان الصهيوني وكان لابد من التخلص من ذلك.
الولايات المتحدة خلقت الظروف التي أدت الى حرب الخليج الثانية حيث طلبت من السعودية والكويت زيادة إنتاج النفط وكان ذلك تقريبا (١٩٨٦-١٩٨٧) مما أدى الى هبوط حاد في سعره وفي الوقت نفسه مطالبة العراق سداد جميع ديون الحرب العراقية-الإيرانية. السفيرة الأمريكية في العراق أبريل غلاسبي التقت الرئيس العراقي صدام حسين وأعلنت أن الولايات المتحدة لن تتدخل في الخلاف بين البلدين مما أعتبره الرئيس العراقي موافقة أمريكية ضمنية على عمل عسكري يقوم به ضد دولة الكويت. الأكاديمي الكويتي وخبير العلوم السياسية عبدالله النفيسي تحدث في أحد مقابلاته أن العراق طلب من الكويت مبلغ ١٠ مليارات دولار تعويض عن نفط حقل الرميلة المشترك الذي استخرجته الكويت بالمخالفة من إتفاق الحصص بين البلدين ولكن الكويت رفضت ولاحقا دفعت ٦٠ مليار دولار الى الولايات المتحدة ثمن مشاركة القوات الأمريكية في حرب تحرير الكويت وبدون حساب المبالغ التي دفعت الى دول أخرى مثل بريطانيا أو فرنسا.
الكويت كانت حاضنة للفلسطينيين حيث كانت الفصائل الفلسطينية لديها مكاتب تمثيل في الكويت تقوم بجمع التبرعات والعمل السياسي بين الفلسطينيين في الكويت وتجنيد المقاتلين ولكن موقف منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح التي تعتبر فصيل رئيسي من فصائل المنظمة كان يدعو الى حل عربي للأزمة وشارك بالفعل فصيل جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة أبو العباس الى جانب القوات العراقية وقد كان مقر ذلك الفصيل في العاصمة العراقية بغداد حيث يتلقى عناصره الدعم المالي والعسكري من الأجهزة الأمنية العراقية. ياسر عرفات والقيادة السياسية الفلسطينية كانت تعلم يقينا أنه ليس هناك حل عربي لتلك الأزمة وفي تاريخ العرب السياسي كان حل الأزمات العربية-العربية يكون من خارج منطقة الشرق الأوسط. ولكن موقف القيادة الفلسطينية تم تصنيفه على أنه دعم العراق في غزوه الكويت بينما سارعت الفصائل الإسلامية الفلسطينية خصوصا حماس الى إدانة غير مشروطة للغزو.
إنَّ ماقام به صدام حسين من غزو الكويت وتدمير حقول النفط ونهب الكويت كان يعبر عن عدم وعي سياسي وقِصر وجهة نظره حول وضع المنطقة والنوايا الأمريكية. ميليشيات عراقية حزبية وعناصر تتبع شخصيات عراقية رفيعة نهب المحلات والجمعيات التعاونية والدوائر الحكومية والمستشفيات ولم تترك حجرا على حجر في الكويت دون أن تنقله على الشاحنات الى بغداد. السيارات الفارهة ومحلات الذهب والمجوهرات والبنوك كانت هدفا رئيسيا لعمليات النهب التي قامت بها تلك المليشيات الغير نظامية. الجيش العراقي خصوصا الحرس الجمهوري انسحب من الكويت بعد فترة قصيرة من الغزو واكتمال السيطرة العسكرية على الأراضي الكويتية وتولى المسؤولية عناصر ميليشيات حزبية والجيش الشعبي والأمن.
الولايات المتحدة حققت عدة أهداف سياسية وعسكرية من غزو العراق دولة الكويت. الهدف الأول, زيادة تواجدها العسكري في المنطقة وتحويله الى تواجد دائم من خلال قواعد عسكرية وعشرات الآلاف من الجنود. الهدف الثاني, زيادة أسعار النفط الى مستويات غير مسبوقة حيث حققت شركات النفط الامريكية أرباحا خيالية. الهدف الثالث, القضاء نهائيا على القوة العسكرية العراقية من خلال منطقة حظر الطيران والعقوبات والحصار الإقتصادي. الهدف الرابع, القضاء على التواجد الفلسطيني في الكويت حيث دفع الفلسطينيون في الكويت ودول عربية أخرى ثمن عجز قيادتهم السياسية عن قراءة المواقف وردود الفعل الأمريكية المحتملة بطريقة صحيحة. الهدف الخامس, تحقيق مصالح وأمن دولة الكيان الصهيوني من خلال إجبار منظمة التحرير الفلسطينية على التخلي عن الكفاح المسلح والدفع باتجاه الحل السياسي حيث كانت مفاوضات أوسلو(١٩٩١) وتوقيع الاتفاقية في واشنطن(١٩٩٣) نتيجة مباشرة لما قام به صدام حسين من غزو الكويت والأحداث التي أعقبت ذلك.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment