Flag Counter

Flag Counter

Thursday, January 27, 2022

إمبراطورية الديون الأمريكية

مشكلة الديون هي مشكلة تؤثر على الدول النامية والصناعية على حد سواء. وليس هناك دولة في العالم لم تتأثر بمشكلة الديون مع استثناءات قليلة جدا مثل مملكة بروناي وإمارات أوروبية صغيرة مثل لوكسمبورغ وليشنشتاين. الديون تتراكم بفعل عدة عوامل لعل أهمها اختلال الميزان التجاري حيث تزيد الواردات خصوصا الكماليات عن الصادرات, إنخفاض قيمة العملة حيث تزيد فاتورة الواردات وينخفض احتياطي النقد الأجنبي, إرتفاع فاتورة الفساد, انخفاض الاستثمارات الأجنبية وغير ذلك الكثير من العوامل.

الولايات المتحدة هي أكثر دولة لديها ديون في العالم حيث تزيد عن ٢٠ تريليون دولار ولن ذلك ليس إلا قمة جبل الجليد لأن ذلك المبلغ لا يشمل الديون الداخلية وديون البلديات والشركات وقروض الطلاب الجامعيين. صناديق الضمان الإجتماعي تستثمر ٢.٩ تريليون دولار تقريبا في سندات الدين السيادي التي تصدرها وزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفيدرالي يحتفظ بما قيمته ٥ تريليون دولار من السندات الحكومية. الولايات المتحدة حرفيا تغرق في الديون السيادية بما قيمته ٥ تريليون دولار أكثر من الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ ٢٣ تريليون دولار تقريبا. إنَّ مجموع الديون في الولايات المتحدة يقترب من حاجز ٧٨ تريليون دولار وذلك يشمل الديون الحكومية وسندات الشركات الخاصة والبلديات وغيرها حيث تبلغ الفوائد على الدين الحكومي ٤٢٣.٧٧٦ مليار دولار. 

إنَّ إنهيار الولايات المتحدة الذي يبشِّر به البعض بحماسة منقطعة النظير هو إنهيار العالم كما نعرفه وإنهيار الإقتصاد الأمريكي يعني إنهيار الإقتصاد العالمي. ليس هناك دولة في العالم لم تستثمر في سندات وزارة الخزانة الأمريكية. حتى الشركات والمؤسسات والجامعات الخاصة لديها إستثمارات بطريقة أو بأخرى في سندات الدين السيادي الأمريكي التي من المفترض أنها أكثر إستثمار آمن في العالم. الصين لديها تقريبا ١.٥ تريليون دولار استثمار في سندات الدين الحكومي الأمريكي وذلك لا يشمل استثماراتها الأخرى في الولايات المتحدة. الصين أكثر دولة ليس لديها مصلحة في إنهيار الإقتصاد الأمريكي حيث تقوم على شراء أدوات الدين الأمريكية مما يجعل الطلب على الدولار مرتفعا وبالتالي يرتفع سعر صرفه أمام اليوان الصيني مما يبقى على إزدهار قطاع الصادرات في الصن. 

هناك مئات من العملات الورقية التي انهارت في السابق. أحد أسباب إنهيار الإمبراطورية الرومانية هو التلاعب بقيمة عملتها عبر استبدال الذهب بمعدن النحاس تدريجيا. الدولار الأمريكي خسر منذ ظهوره سنة ١٧٩٢ مانسبته ٩٨% من قوَّته الشرائية من خلال التضخُّم والدولار حاليا في أضعف حالاته منذ الغاء إتفاقية بريتون-وودز سنة ١٩٧١ حيث يستند الى أمرين إثنين من أجل الحفاظ عليه من الإنهيار الكلي. الأمر الأول الثقة بقدرة الحكومة الأمريكية والتزامها بسداد ديونها, بينما الأمر الثاني وهو النفط الذي يتم بيعه حصريا مقابل الدولار الأمريكي مع استثناءات قليلة هنا وهناك. إن كلا الأمرين يتعرضان الى عوامل الحت والتعرية خصوصا منذ تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لأول مرة في تاريخها سنة ٢٠١١. 

الحرب هو الحل الذي سوف تلجأ إليه الولايات المتحدة من أجل الخروج من أزمتها المالية في حال فشل جميع الحلول التي يتم طرحها. الحرب سوف تنعش قطاع صناعة السلاح والشركات الأمنية الخاصة وهو جزء مهم من الاقتصاد الأمريكي والذي يمكن اعتباره أول حجر من أحجار الدومينو حيث سوف تنتعش قطاعات إقتصادية أخرى بسبب ضخ عشرات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأمريكي. على سبيل المثال تكلفة الحرب على العراق قد بلغت ١.٧ تريليون دولار إضافةً إلى ٤٩٠ مليار دولار مستحقات قدامى المحاربين وتعويضات الجرحى وتكاليف العلاج الطبي للمصابين و ٢٢٠ مليار دولار تكاليف إعادة الإعمار. مثال أخر هو الحرب على أفغانستان التي كلَّفت خلال عشرين عاما مايزيد عن ٢ تريليون دولار يضاف اليها ١٤٥ مليار دولار تم إنفاقها على عمليات إعادة الإعمار. 

الولايات المتحدة لن تعجز عن إيجاد حربها التي سوف تنقذ من خلالها اقتصادها المنهار وعملتها التي تفقد قيمتها يوما بعد يوم. هناك الأزمة الروسية-الأوكرانية أو المشكلة بين الصين وتايوان أو حتى النزاع بين الجزائر والمغرب على الصحراء الغربية.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية







No comments:

Post a Comment