في عالم السياسة والمخابرات, ليس هناك مكان للصدفة

في مقال عنوانه "الإنجليز والإخوان" نشره تاريخ ٤/٤/٢٠١٤ عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط شرح فيه وجهة نظره حول نشأة تنظيم الإخوان المسلمين ردا على الصحفي والمؤلف البريطاني مارك كورتيس. ولمن لا يعرف عبد الرحمن الراشد فقد شغل في السابق مدير قناة العربية وموقعها الصحفي على الإنترنت.

تنظيم الإخوان المسلمين لم ينشأ من فراغ وليس مجرد فقاعة ظهرت فجأة في منطقة الشرق الأوسط, بل نتيجة دراسات بريطانية متخصصة حول الإسلام وتاريخ المسلمين منذ نهايات القرن التاسع عشر. خلال تلك الفترة من التاريخ البشري, كانت بريطانيا تدير المشهد الجيوسياسي في العالم من خلال مدافع بحريتها الملكية وبنك إنجلترا الذي تمتلك حصة كبيرة من الأسهم فيه إرتباطات أسرة روتشيلد المصرفية الأكثر شهرة في العالم. وإن كانت بريطانيا ومازالت, وذلك رأي شخصي, تدير المشهد الأمني والسياسي على مستوى العالم بمساعدة الولايات المتحدة وليس العكس, فقد ساهمت في إنشاء عدد من الكيانات التي تساعدها في إبقاء نوع من النفوذ والسيطرة لو خرجت بريطانيا من المنطقة. الجامعة العربية, البنك العربي وتنظيم الإخوان المسلمين هي بعض الأمثلة. 

إنَّ وجهة النظر التي عبَّر عنها عبد الرحمن الراشد في مقاله أقل مايقال عنها أنها ساذجة ولا يمكن فهم الهدف من المقال, هل هو الدفاع عن بريطانيا أو تبييض صفحة تنظيم الإخوان المسلمين من تهمة العمالة؟ الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس صنعت تنظيم الإخوان المسلمين من الصفر وأول مسجد للجماعة في مدينة الإسماعيلية التي ظهر فيها التنظيم تم بناؤه بأموال بريطانية. مؤسس التنظيم حسن البنا ولد في منطقة البحيرة وهي من أكبر تجمعات اليهود في مصر حيث لهم مقام أبو حصيرة يقع في قرية دميتوه. لقب والد حسن البنا هو الساعاتي وهو إسم الأسرة الأصلي وكلمة البنا تعني بالإنجليزية(الماسون-Mason) أو البناؤون الأحرار. 

هناك الكثير من الغموض حول أصول حسن البنا وأسرته سواء من ناحية الأب أو الأم حيث مكان ميلاد والد حسن البنا هو قرية شمشيرة في محافظة كفر الشيخ المجاورة لمحافظة البحيرة. حسن البنا لم يقم بزيارة تلك القرية في حياته ولم يحضر فيها فرحا أو جنازة وليس معروفا من هم أعمامه ويقال أن أسرة حسن البنا كانت تعيش في قرية المحمودية في محافظة البحيرة على أنهم غرباء لا أصل لهم. حتى أنَّ توقيت ظهور تنظيم الإخوان المسلمين هو توقيت مشبوه في مرحلة حساسة من تاريخ مصر وفي ذروة المواجهات بين الشعب المصري والإحتلال الإنجليزي. المثير للإستغراب أن وسائل إعلام موالية للإخوان المسلمين تنشر الإشاعات أنَّ جمال عبد الناصر يهودي وأن معمر القذافي عندما أرادت دول غربية تشويه سيرته وتمهيدا للإنقلاب عليه ضمن أحداث الربيع العربي, إتهموه بأنه يهودي الأصل وأنَّ له خالة(أخت الأم) مازالت تعيش في تل أبيب في فلسطين المحتلة. 

أحد تناقضات الإخوان المسلمين هو النفاق السياسي حيث أنهم يتهمون خصومهم بإتهامات باطلة ولكنهم في الوقت نفسه لا يقبل أن يوجه لهم الآخرون الإتهامات أو أن يدافعوا عن أنفسهم. عبد الرحمن الراشد لم يخبر متابعي مقالاته عن سبب تواجد المكتب الدولي للإخوان المسلمين في العاصمة البريطانية لندن وعن السبب الذي تمنح بريطانيا اللجوء من أجله الى حفنة من الإرهابيين أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين والقاعدة والمخابرات الداخلية البريطانية(إم آي ٥) تعلم ذلك. ولم يكلف عبد الرحمن الراشد نفسه السؤال لماذا تعتبر مدينة لندن نقطة تجمع للإرهابيين الدوليين وقادة الجماعات الراديكالية المسلحة وبمعرفة الحكومة البريطانية وكل ذلك ليس صدفة لأنه في عالم السياسة والمخابرات, ليس هناك مكان للصدفة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية