Flag Counter

Flag Counter

Friday, July 22, 2022

الدولار الأمريكي, بنك الإحتياطي الفيدرالي, الكساد والتضخم

إن الأجور في علم الاقتصاد من الممكن تقسيمها إلى قسمين:(١)أجور حقيقية,(٢)أجور إسمية, حيث تعبر الأجور الحقيقية عن القوة الشرائية وتكون مرتبطة بمعدل التضخم بينما يكون التعبير عن الأجور الاسمية بالأرقام المجردة. خلال الفترة الممتدة بين ٢٠٠٨-٢٠١٣, كان معدل التضخم في الولايات المتحدة منخفضا إلا أنه لم يصل إلى صفر% بينما لم تشهد الأجور أي تحسن يذكر مما يؤدي إلى إنخفاض القدرة الشرائية للمواطن الأمريكي. إن الحكومات بشكل عام لا ترغب مجرد التفكير في أن يصاب الاقتصاد بالكساد(Deflation) لأن ذلك سوف يكون من مصلحة المواطن العادي لأن القوة الشرائية للأجور سوف نزداد بسبب انخفاض مستوى الأسعار مما يؤدي إلى انخفاض عائدات الحكومة من الضرائب, بينما التضخم يكون على العكس تماما, يؤدي إلى إرتفاع أسعار الأصول وزيادة العائدات الضريبية. 

ولكن هناك سبب أخر له علاقة بتفضيل الحكومات لحالة التضخم على الكساد وهي لها علاقة بالدين القومي والذي سوف يكون من السهل الإيفاء به بعملة متضخمة. ولكن التعامل مع زيادة مستوى التضخم يجب أن تكون بحذر شديد لأنه قد ينفلت من عقاله ويتحول إلى تضخم مفرط(Hyperinflation) كما حصل في جمهورية فايمر الألمانية في الفترة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى وتوقيع اتفاقية فرساي التي كبلت ألمانيا اقتصاديا بسبب تعويضات الحرب وكانت العامل المحفز لظهور النازية وقيام الحرب العالمية الثانية. التضخم هو عملية نقل الثروة من المواطن العادي لمصلحة البنوك والتي تعد من أكبر المستفيدين.

إن المؤسسات المالية التي لا تتمكن من تحقيق عائدات مجزية على عملياتها بسبب انخفاض سعر الفائدة إلى مستوى صفر% قد تلجأ إلى خيارات أخرى كالعقود المستقبلية والمشتقات المالية والمبادلات(Swaps) حيث تتم مبادلة أوراق مالية منخفضة المخاطرة(سندات دين حكومي) مع أوراق مالية عالية المخاطرة (مشتقات مالية) وإستخدام سندات الدين كضمان للدخول في عمليات لها علاقة بالعقود المستقبلية والمشتقات المالية مثل سوق الرهون العقارية منخفضة الجودة. ولكن تلك الآلية تعمل بسلاسة في حالة استقرار الأسواق المالية وسوف تختل في حال تعرضها لأي ضغوطات كما حصل خلال أزمة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ حيث دفعت أزمة نقص في السيولة وزيادة الطلب على الأدوات المالية منخفضة المخاطر إلى موجة ذعر ومحاولة تصفية المستثمرين مراكزهم المالية في أسواق الأسهم والسندات والمشتقات المالية مما أدى إلى إنهيار شامل كاد أن يودي بالاقتصاد العالمي إلى الإنهيار الكامل(Meltdown).

إن مكانة الدولار الأمريكي عملة احتياطية عالمية مرتبطة ببيع النفط مقابل الدولار بعد إلغاء الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون سنة ١٩٧١ ارتباط سعر صرف الدولار الأمريكي بالذهب. إن قرار الرئيس الأمريكي جعل من السهولة التلاعب بالاقتصاد العالمي من خلال قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي, وهو مؤسسة خاصة وليست حكومية رفع أو خفض سعر الفائدة أو حتى طباعة كميات كبيرة من الدولار بدون أي تغطية حقيقية(Out Of Thin Air). إن قيام بنك الإحتياطي الفيدرالي بطباعة كميات هائلة من الدولارات بموجب سياسة التسهيل الكمي يضاف إلى ذلك سعر فائدة يقترب من صفر% سوف يؤدي إلى ظاهرة الأموال الساخنة(Hot Money) والتي سوف تجوب الأسواق المالية الدولية بحثا عن أعلى العائدات, دول مثل البرازيل أو الهند سوف تعاني الأثار السلبية المتمثلة في ارتفاع أسعار الأصول والمواد الأولية وموجة تضخم يكون المتضرر منها بالدرجة الأولى محدودي الدخل والطبقات الفقيرة. كما أن سياسة التسهيل الكمي سوف تؤدي إلى إنخفاض قيمة الدولار الأمريكي وبالتالي تضرر الدول التي تعتمد على قطاع التصدير و اضطرارها بالتالي إلى طباعة المزيد من عملتها في محاولة لإمتصاص أي كمية زائدة من الدولارات حتى لا يتضرر قطاع التصدير لديها وبالتالي إرتفاع نسبة البطالة وازدياد إحتمالية إصابة اقتصادها بالكساد.

إن القرارات التي يتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سوف تؤثر بالسلب على الإقتصاد المحلي والعالمي في حال لم تكن على أعلى درجة من الدقة. ففي حالة كانت تقديرات مسؤولي البنك لوضع الاقتصاد أعلى من الحالة الطبيعية, فسوف تكون القرارات التي يتم إتخاذها انكماشية مثل رفع سعر الفائدة خوفا من زيادة مستوى التضخم, وفي حالة كانت التقديرات لحالة الاقتصاد أقل من الحالة الطبيعية فسوف تكون القرارات التي يتم إتخاذها تضخمية مثل تخفيض سعر الفائدة وطبع المزيد من الأموال تحت مسمى التسهيل الكمي. إن القرارات التي يتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي يتجاوز تأثيرها أسعار الفائدة, فعلى سبيل المثال في حالة كانت تلك القرارات انكماشية, زيادة أسعار الفائدة, سوف يؤدي ذلك الى إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى وبالتالي إنخفاض سعر الذهب. إن إحدى عواقب قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي هو حرب عملات بين الدول التي في مسعى للحفاظ على قطاع التصدير لديها فسوف تقوم بخطوات مثل تخفيض سعر الفائدة وطباعة المزيد من العملة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment